Tuhfat Talibin

Ibn Cattar d. 724 AH
166

Tuhfat Talibin

تحفة الطالبين في ترجمة الإمام النووي

Publisher

الدار الأثرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Publisher Location

عمان - الأردن

وإذا نُظِر في قولهم؛ وُجِد كذبًا على الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ [النجم: ٣ - ٤] (١). ومن أعجب الأشياء قولُهم: هذا كذب له! وهذا جهلٌ منهم بلسانِ العرب وخطاب الشرع، فإن كل ذلك عندهم كذب عليه. وأما الحديث الذي تعلَّقوا به؛ فأجاب العلماء عنه بأجوبة: أحسنُها وأخصرُها: أن قولَه: "ليضلَّ الناس"؛ زيادة باطلة، اتفق الحفاظ على إبطالها، وأنها لا تُعرف صحيحة بحال. الثاني: جواب أبي جعفر الطحاوي: أنها لو صحت؛ لكانت للتأكيد؛ كقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ليضل الناس﴾ [الكهف: ١٥] (٢). الثالث: أن اللام في "ليضلّ" ليست لام التعليل، بل هي لام الصيرورة والعاقبة، معناه: أن عاقبة كذبه ومصيره إلى الإضلال به؛ كقوله تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا (٨)﴾ [القصص: ٨] (٣). ونظائره في القرآن وكلام العرب أكثر من أن يحصر، وعلى هذا يكون معناه: فقد يصير أمر كذبه إضلالًا. وعلى الجملة: مذهبهم أركُّ من أن يُعتنى بإيراده، وأبعد من أن يُهْتَمَّ بإبعاده، وأفسد من أن يُحتاجَ إلى إفساده، والله أعلم. الرابعة: يحرمُ رواية الحديث الموضوع على عرف كونه موضوعًا، أو غلب على ظنه وضعه، فمَن روى حديثًا -علم أو

(١) سورة النجم، الآيتان: ٣ - ٤. (٢) سورة الأنعام، الآية: ١٤٤. (٣) سورة القصص، الآية: ٨.

1 / 170