والجامعات الإسلامية أن تساهم في طبع هذه المؤلفات ونشرها وتيسيرها لطلاب العلم وعشاق المعرفة، وبذلك تكون قد أدت واجبا من أهم الواجبات عليها، وقامت بخدمة جليلة من أهم الخدمات، وأنجزت عملا مشكورا في الدنيا ومحمود العاقبة في الأخرى: ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ ١.
ولأهمية هذا الفن ودقته، لا يستطيع أن يتصدى له إلا من أُوتي حظا من العلم وفيرا، ومن الصبر على البحث شيئا كثيرا، وإن العمل في هذا الميدان هو عمل خطير؛ إذ التعامل فيه مع نصوص منسوبة إلى رسول الله ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ ٢. فكلامه ليس ككلام أي أحد من الناس؛ فمن كذب عليه تبوأ مقعده من النار٣، ومن نفى عنه كلاما هو قائله، وهو يعلم صحة نسبته إليه فويل له من عذاب الملك الجبار، فليتق الله من كانت مهمته هذه، فلا يقول إلا بعد تثبت، ولا يحكم إلا بعد تحرٍّ، فلا يقول بالهوى فيضل عن السبيل المستقيم ... ﴿رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾، ﴿سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ .
_________
١ سورة القصص: الآية ٦٠.
٢ سورة النجم: الآية ٤.
٣ جاء في الحديث المتواتر الذي رواه الشيخان وغيرهما عن عدد من الصحابة ﵃ منهم أنس ﵁ أن النبي ﷺ قال: "من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار".
صحيح البخاري ١/ ٥٣ كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي ﷺ.
1 / 49