ثانيا: حياته العلمية
...
ثانيا: شيوخه
لقد ولد ابن كثير في أسرة علمية نالت حظها من العلم، وأخذت نصيبها من المعرفة؛ فأمه التي كانت تحفظ كتاب الله العزيز يمكن أن نقول: إنها كانت شيخته الأولى، فلا بد أنه سمع منها الكثير من كتاب الله تعالى ولا بد أنه حفظ عنها منه شيئا، ولا بد أن أنفاسها الطيبة قد عطرت مسامعه وهي تستعيد حفظه وتؤكد تذكاره وتتلوه آناء الله وأطراف النهار في كل يوم. وإن أخاه عبد الوهاب كان شيخه أيضا؛ فقد تلقى عنه وكان ذا علم وفضل، كما أنه تلقى عن شيوخ كثيرين، وإننا سنذكر بعض خواصّ شيوخه مرتبين حسب حروف المعجم، كما أننا سنذكر ترجمة موجزة لشيخين من شيوخه كان لهما ذكر في كتابنا تحفة الطالب، وهما الإمامان الحافظان أبو الحجاج المزي، وأبو عبد الله الذهبي. ولنبدأ بترجمتهما ثم نعدد باقي شيوخه.
١- الإمام المزي١: هو العالم الحبر الحافظ محدث الشام، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي، ثم الكلبي الدمشقي الشافعي.
ولد سنة أربع وخمسين وستمائة ونشأ بالمزة. حفظ القرآن وتفقه وأقبل على العلم فسمع الكتب الستة ومعجم الطبراني وغيرها، وأخذ العلم عن أبي الخير النووي والعفيف التلمساني والأربلي وغيرهم، وكان كثير العلم ثقة حجة، صادق اللهجة حسن الخلق، كثير السكوت قليل الكلام مصنفا، ومن مصنفاته: تهذيب الكمال، وتحفة الأشراف في معرفة الأطراف، وغيرهما. وتوفي في صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.
٢- الإمام الذهبي٢: هو الإمام العالم العلامة الحافظ المحدث شيخ الجرح والتعديل، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي. ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة بكفر بطنا في غوطة دمشق، سمع من شيوخ كثيرين منهم: الإمام المزي، وأحمد بن هبة الله بن عساكر، وشرف الدين الفزاري، وغيرهم. صنف المصنفات الجليلة، منها: تاريخ الإسلام، وسير أعلام النبلاء، وميزان الاعتدال، وغيرها. توفي سنة ثمان وأربعين وسبعمائة.
٣- برهان الدين بن سباع الفزاري: شيخ الشافعية في زمانه ابن شيخ الإسلام
_________
١ ترجمته في البداية والنهاية ١٤/ ١٩١، وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٩٨-١٥٠٠.
٢ ترجمته في البداية والنهاية ١٤/ ٢٢٥، والدرر الكامنة ٣/ ١٣٦، وشذرات الذهب ٦/ ١٥٣.
1 / 24