Tuhfat Acyan
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Genres
قال فسار الحواري والوليد ومن معهما يريدان نصر راشد وقتال شاذان وأصحابه؛ والله يعلم ما أرادوا , فالتقوا من قبل أن يصلوا راشدا , فهزم الحواري والوليد من معهما بعد أن قتل من قتل من أصحابهما؛ وسار شاذان وأصحابه فأخذوا راشدا من موضعه بلا حرب وضربوه وحبسوه , ووصل موسى ومن معه إلى العسكر وقد اجتمعوا من غير توبة وقدموا عزان بن تميم إماما , والله أعلم بأمورهم.
وقال أبو المؤثر: أقاموا ما شاء الله على غلطهم وخطاياهم ثم رجعوا على إمامهم فلم يقيموا عليه حجة ولا سموا له بحدث مكفر في دينهم , فسقطت الدماء دون عزله؛ ثم قدموا إماما كان مفارقا لهم مضللا لهم , فبايعوه ودخلوا في طاعته وخطبت خطباؤهم؛ وجعلوا ولاته ولاة لهذا الإمام؛ كما كانوا ولاة الأول ولاة للأوسط المخطئ , إلا أن هذا الثلث كان فيما ذكر لنا يستتب الولاة في السريرة ويثبتهم على أمكنتهم , ولم يكن هذا من سيرة المسلمين في الأئمة المحدثين , بل ما كانوا يستتيبون الناس من ولايتهم علانية غير سريرة , فرضي هذا الثالث بخلاف ما كان عليه السلف ثم رجعوا عليه ونقضوا.
وقال أبو الحسن البسياني : فإن كانوا بعزلهم صلتا محقين كما زعموا فقد كفروا لعزلهم راشدا؛ فإن قالوا إنه جائز لهم تقديم إمام على إمام متى شاءوا بحدث وغير حدث , فهذا مما لا يحتمل في الإسلام ولا تصح به الأحكام ولا يقول به أهل الأحلام , ولو صح ذلك لكانت إمامة معاوية صوابا على إمامة علي , فلما فارق المسلمون من قال بهذا القول علمنا أن من اقتدى بهم مبطل, وإن كان عقدهم لراشد خطأ وضلالا فقد كفروا بتقديمهم إياه على إمامة الصلت , لأنهم إن كانوا قدموا راشدا على الصلت كما زعموا جائز لهم فقد ضلوا بعزلهم إياه وتقديم آخر عليه من غير حجة فهذا ما لا يصح به.
Page 209