وهنا أسرار دقيقة لا يتفطن لها إلا الأفراد من الصديقين.
و(اليوم الآخر) يوم القيامة، لأنه آخر أيام الدنيا، أو آخر الأزمنة
المحدودة، والمراد بالإيمان به: الإيمان بما فيه من البعث والحساب،
ودخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، إلى غير ذلك مما ورد النص
القاطع عليه.
و(القضاء): هو الإرادة الأزلية، والعناية الإلهية المقتضية لنظام
الموجودات على ترتيب خاص، و" القدر ": تلك الإرادة بالأشياء في
أوقاتها.
والقدرية قالوا: القضاء علمه تعالى بنظام الموجودات، وأنكروا
تأثير قدرة الله تعالى في أعمالنا وتعلق إرادته بأفعالنا، وزعموا أنها
واقعة بقدرتنا ودواع منا، فأثبتوا لنا قدرة مستقلة بالإيجاد والتأثير في
أفعالنا، كما هي ثابتة لله تعالى في أفعاله، ولذلك سماهم النبي ﷺ:
مجوس هذه الأمة.
و" الإسلام ": هو الانقياد والإذعان يقال: سلم وأسلم واستسلم:
إذا خضع وأذعن، ولذلك أجاب عنه بالأركان الخمسة.
وهذا صريح بأن الأعمال خارجة عن مفهوم الإيمان، وأن الإسلام
والإيمان متباينان، كما أضشعر به قوله تعالى (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا
أسلمنا) [الحجرات: ١٤] وإليه ذهب أبو الحسن الأشعري ﵀.
وقال بعض المحدثين وجمهور المعتزلة: الإيمان والإسلام
عبارتان عن معبر واحد، وهو المجموع من التصديق بالجنان، والإقرار
1 / 30