199

Al-Tījān fī mulūk Ḥimyar

التيجان في ملوك حمير

Editor

مركز الدراسات والأبحاث اليمنية

Publisher

مركز الدراسات والأبحاث اليمنية

Edition

الأولى

Publication Year

1347 AH

Publisher Location

صنعاء

ويا دوحة الزيتون بالله فرجي ... عن الكبد الحراء كيف مضاض
لئن جاد لي وجدًا بنفس كريمة ... أثبه بنفسي والثواب قراض
أأرغب في الدنيا حياة سقيمة ... ويأتي سواد دونه وبياض
قالت: وآلت على نفسها أن لا تشرب ماء حتى يرد جمل أبيها هوز - وكان هوز لا يرد إلا عن خمس - فأقامت يوميين وليلتين، فلما كان يوم الثالث - ولا أحد يعلم بها غير سلمى - غشيها الموت مع الليل فولت إلى الربوة واتبعتها سلمى. فلما بلغت أعلى الربوة سقطت، قال سلمى: فوضعت يدي على فمها فوجدته كالحجر الصلد، فرفعت رأسها إلي بلسان غليظ وصوت خفي، فقالت بكلام ضعيف لا أكاد أبينه (قولي لأبي يدفنني بالدوحتين بجوار مضاض) وقالت:
يقولون مي أسرعت بفراقها ... فمات مضاض والهوى غير نادم
فيا ليت أني مت من قبل موته ... بطيب الهوى قبل الردى المتفاقم
لقد مت يوم الماء موتًا أمر من ... سمام الأفاعي في نقيع العلاقم
فهل هو إلا الروح بالروح أسوة ... وها هي نفس ارتقت في الحيازم
وقالت سلمى تبكي ميًا:
لم تكن لوعة الهوى لانفراج ... من يقاسي الهوى فليس يناجي
إن يكن مات من هواها مضاض ... قد قضت دينه بأيسر حاج
غرس الحب في حشاها فوجًا ... قلبها بعدة بمدية واج
إن في الموت راحة المحب ... بات في الوصل ساعة غير راج
ثم لم تلبث إلا يسيرًا حتى ماتت وبلغت سلمى أباها فأعلمته، فدفنها في الدوحتين. وها هنا قبرها غير إني لا أقف عليه، ولقد ضرب بموت

1 / 207