Tibb Nabawi
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Publisher
دار الهلال
Edition Number
-
Publisher Location
بيروت
امْرَأَةِ الْعَزِيزِ فِي شَأْنِ يُوسُفَ، وَحَكَاهُ عَنْ قَوْمِ لُوطٍ، فَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ لَمَّا جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ لُوطًا: وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ، قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ «١» .
وَأَمَّا مَا زَعَمَهُ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَقَّ قَدْرِهِ أَنَّهُ ابْتُلِيَ بِهِ فِي شَأْنِ زينب بنت جحش، وَأَنَّهُ رَآهَا فَقَالَ «سُبْحَانَ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» . وَأَخَذَتْ بِقَلْبِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: أَمْسِكْهَا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ، مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ «٢»، فَظَنَّ هَذَا الزَّاعِمُ أَنَّ ذَلِكَ فِي شَأْنِ الْعِشْقِ، وَصَنَّفَ بَعْضُهُمْ كِتَابًا فِي الْعِشْقِ، وَذَكَرَ فِيهِ عِشْقَ الْأَنْبِيَاءِ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ، وَهَذَا مِنْ جَهْلِ هَذَا الْقَائِلِ بِالْقُرْآنِ وَبِالرُّسُلِ، وَتَحْمِيلِهِ كَلَامَ اللَّهِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ، وَنِسْبَتِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِلَى مَا بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْهُ، فَإِنَّ زينب بنت جحش كَانَتْ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ تَبَنَّاهُ، وَكَانَ يُدْعَى زيد بن محمد، وَكَانَتْ زينب فِيهَا شَمَمٌ وَتَرَفُّعٌ عَلَيْهِ، فَشَاوَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي طَلَاقِهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أمسك عليك زوجك واتّق الله» وَأَخْفَى فِي نَفْسِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِنْ طَلَّقَهَا زيد، وَكَانَ يَخْشَى مِنْ قَالَةِ النَّاسِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ، لِأَنَّ زيدا كَانَ يُدْعَى ابْنَهُ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَخْفَاهُ فِي نَفْسِهِ، وَهَذِهِ هِيَ الْخَشْيَةُ مِنَ النَّاسِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ، وَلِهَذَا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الْآيَةَ يُعَدِّدُ فِيهَا نِعَمَهُ عَلَيْهِ لَا يُعَاتِبُهُ فِيهَا، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْشَى النَّاسَ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ أَحَقُّ أَنْ يَخْشَاهُ، فَلَا يَتَحَرَّجُ مَا أَحَلَّهُ لَهُ لِأَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ زَوَّجَهُ إِيَّاهَا بَعْدَ قَضَاءِ زيد وَطَرَهُ مِنْهَا لِتَقْتَدِيَ أُمَّتُهُ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَيَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةِ ابْنِهِ مِنَ التَّبَنِّي، لَا امْرَأَةِ ابْنِهِ لصلبه «٣» ولهذا قال في آية
(١) الحجر- ٦٨- ٧٧. (٢) الأحزاب- ٣٧. (٣) لا صحة لهذا الحديث.
1 / 200