197

Tibb Nabawi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Publisher

دار الهلال

Edition Number

-

Publisher Location

بيروت

أَضَرِّ الْجِمَاعِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْقَتْلَ حَدًّا عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ﵀ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ ثَابِتٌ [١] . وَالثَّانِي: مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا، كَالْأَجْنَبِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، فَفِي وَطْئِهَا حَقَّانِ. حَقٌّ لِلَّهِ، وَحَقٌّ لِلزَّوْجِ. فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ، وَإِنْ كَانَ لَهَا أَهْلٌ وَأَقَارِبُ يَلْحَقُهُمُ الْعَارُ بِذَلِكَ صَارَ فِيهِ أَرْبَعَةُ حُقُوقٍ، فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ، صَارَ فِيهِ خَمْسَةُ حُقُوقٍ. فَمَضَرَّةُ هَذَا النَّوْعِ بِحَسَبِ دَرَجَاتِهِ فِي التَّحْرِيمِ. وَأَمَّا الضَّارُّ طَبْعًا، فَنَوْعَانِ أَيْضًا: نَوْعٌ ضَارٌّ بِكَيْفِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَوْعٌ ضَارٌّ بِكَمِّيَّتِهِ كَالْإِكْثَارِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ، وَيَضُرُّ بِالْعَصَبِ، وَيُحْدِثُ الرَّعْشَةَ، وَالْفَالِجَ، وَالتَّشَنُّجَ، وَيُضْعِفُ الْبَصَرَ وسائر القوى، ويطفىء الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ، وَيُوَسِّعُ الْمَجَارِيَ، وَيَجْعَلُهَا مُسْتَعِدَّةً لِلْفَضَلَاتِ الْمُؤْذِيَةِ. وَأَنْفَعُ أَوْقَاتِهِ، مَا كَانَ بَعْدَ انْهِضَامِ الْغِذَاءِ فِي الْمَعِدَةِ وَفِي زَمَانٍ مُعْتَدِلٍ لَا عَلَى جُوعٍ، فَإِنَّهُ يُضْعِفُ الْحَارَّ الْغَرِيزِيَّ، وَلَا عَلَى شِبَعٍ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ أَمْرَاضًا شَدِيدَةً، وَلَا عَلَى تَعَبٍ، وَلَا إِثْرَ حَمَّامٍ، وَلَا اسْتِفْرَاغٍ وَلَا انْفِعَالٍ نَفْسَانِيٍّ كَالْغَمِّ وَالْهَمِّ وَالْحُزْنِ وَشِدَّةِ الْفَرَحِ. وَأَجْوَدُ أَوْقَاتِهِ بَعْدَ هَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ إِذَا صَادَفَ انْهِضَامَ الطَّعَامِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ، وَيَنَامُ عَلَيْهِ، وَيَنَامُ عَقِبَهُ، فَتَرَاجَعُ إِلَيْهِ قُوَاهُ، وَلْيَحْذَرِ الْحَرَكَةَ وَالرِّيَاضَةَ عَقِبَهُ، فَإِنَّهَا مُضِرَّةٌ جدا. فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي عِلَاجِ الْعِشْقِ هَذَا مَرَضٌ مِنْ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ، مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الْأَمْرَاضِ فِي ذَاتِهِ وَأَسْبَابِهِ وَعِلَاجِهِ، وَإِذَا تَمَكَّنَ وَاسْتَحْكَمَ عَزَّ عَلَى الْأَطِبَّاءِ دواؤه، وأعيى الْعَلِيلَ دَاؤُهُ، وَإِنَّمَا حَكَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ طَائِفَتَيْنِ مِنَ النَّاسِ: مِنَ النِّسَاءِ، وَعُشَّاقِ الصِّبْيَانِ الْمُرْدَانِ، فَحَكَاهُ عَنِ

1 / 199