The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
Genres
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) [النساء: ١١]، أوْ كُتِبَ عَلى الْمُحْتَضَر أن يُوصِي للوَالِدَين والأقْرَبِين بِتَوفِير مَا أوْصَى بِه الله لَهُمْ عَليهم، وألا يُنْقَص مِنْ أنْصِبَائهم (^١).
ورجّح ابن جُزي القَول بالنَّسْخ، فَقَال: (الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) كانت فَرْضًا قَبْل الْمِيرَاث، ثُمّ نَسَخَهَا آيَة الْمِيرَاث مَع قَوْلِه ﷺ: "لا وَصِيَّة لِوَارِث" وَبَقِيَتِ الوَصِيَّة مَنْدُوبَة لِمَنْ لا يَرِث مِنْ الأقْرَبين. وقِيل: مَعْنَاهَا الوَصِيَّة بِتَوْرِيث الوَالِدَين والأقْرَبِين عَلى حَسَب الفَرَائض، فلا تَعَارُض بَيْنَها وبَيْن الْمَوَارِيث ولا نَسْخ، والأوَّل أشْهَر (^٢).
ونَقَل ابنُ كَثير عن ابن أبي حَاتم رِوايته عن ابنِ عباس في قَولِه: (الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) قال: نَسَخَتْها هَذه الآيَة: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) [النساء: ٧].
ثم قال ابن كثير: والعَجَب مِنْ أبي عبد الله محمد بن عمر الرازي ﵀ كَيف حَكَى في تَفْسِيرِه الكَبير عَنْ أبي مُسْلِم الأصْفَهَاني أنَّ هَذه الآيَة غَير مَنْسُوخَة، وإنَّمَا هِي مُفسَّرَة بآيَة الْمَوَارِيث (^٣).
ثم ذَكَر التَّفْصِيل في هَذه الْمَسْألَة، وخَرَّج الْمَسْألَة عَلى قَول مَنْ يَقُول: إنَّ الوَصِيَّة مَنْدُوب إِلَيْها في أوَّل الأمْر، وعَلى قَول مَنْ يَقول: كَانَتْ وَاجِبَة.
ثم قال: وهو الظَّاهِر مِنْ سِيَاق الآيَة، فَيَتَعَيَّن أن تَكُون مَنْسُوخَة بِآيَة الْمِيرَاث، كَمَا قَاله أكْثَر الْمُفَسِّرِين والْمُعْتَبَرين مِنْ الفُقَهاء (^٤).
(^١) الكشاف، مرجع سابق (ص ١١١)، والقول الأخير فيه ضعف، لأن غاية ما فيه تحصيل حَاصِل. (^٢) التسهيل لعلوم التنْزيل (١/ ٧١). (^٣) تفسير القرن العظيم (٢/ ١٦٨). (^٤) المرجع السابق (٢/ ١٦٨).
1 / 51