Manhaj al-Qurṭubī fī dafʿ mā yutawaham taʿāruḍihi min al-āyāt fī kitābih al-Jāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
Genres
ولم يُشِر القَاسِمي في تَفْسِير هَذه الآيَة إلى حُكْم الوَصِيَّة (^١).
وقال الشنقيطي: التَّحْقِيق أنَّ النَّسْخ وَاقِع فِيها يَقينًا في البَعْض، لأنَّ الوَصِيَّة للوَالِدَين الوَارِثَين والأقَارِب الوَارِثِين رُفِع حُكْمُهَا بَعْد تَقَرُّرِه إجْمَاعًا، وذَلك نَسْخ في البَعْض لا تَخْصِيص قَصْر العَامِّ عَلى بَعْض أفْرَادِه لِدَلِيل (^٢)، أمَّا رَفْع حُكْمٍ مَعَيَّن بَعْد تَقَرُّرِه فهو نَسْخ لا تَخْصِيص، كَمَا هو ظَاهِر، وقد تَقَرر في عِلْم الأصُول إنّ التَّخْصِيص بَعْد العَمل بالعَامِّ نَسْخ (^٣).
رأي الباحث:
١ - آيَة "البَقَرَة" مَنْسُوخَة، ومما يُقوّي القَول بالنَّسْخ:
أ- آيَات الْمَوَارِيث، وحَدِيث: "لا وَصِية لِوَارِث".
ب- أنّ مِنْ شُروط القَول بالنَّسْخ تَعَارُض النّصُوص وتَعَذّر الْجَمع بينها (^٤)، و"النَّسخ إنّمَا يَكُون عِند عَدَم الْجَمْع" (^٥).
وهُنا تَعَذّرَت الوَصِيّة للوَالِدَين مَع الفَرْض والنَّصّ، فنُسِختِ الوَصِيَّة في حَقِّ الوَالِدَين، ونُسِخ وُجُوبُها في حَقِّ غَيْرِهم.
٢ - أنَّ "مِنْهم مَنْ قَال: إنَّهَا مَنْسُوخَة فِيمَن يَرِث، ثَابِتَة فِيمَن لا يَرِث … ولَكِن عَلى قَول هَؤلاء لا يُسَمَّى هَذا نَسْخًا في اصْطِلَاحِنَا الْمُتَأخِّر، لأنَّ آيَة الْمَوَارِيث إنَّمَا رَفَعَت حُكْم بَعْض أفْرَاد مَا دَلّ عَلَيه عُمُوم آيَة الوصَايَة، لأنَّ الأقْرَبِين أعَمَّ مِمَّنْ يَرِث ومَن لا يَرِث، فَرُفِع حُكْم مَنْ يَرث بِمَا عُيِّن لَه، وَبَقِيَ الآخَر عَلى مَا دَلَّتْ عَليه
(^١) محاسن التأويل (٣/ ٤٩ - ٥١).
(^٢) في المطبوع: قصر العام على بعض أفراده الدليل.
(^٣) دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - مُلْحَق بتفسير "أضواء البيان" (ص ٢٦).
(^٤) يُنظر ما تقدّم حول تقرير هذه المسألة (ص ٤٥).
(^٥) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٤/ ١٥٤).
1 / 52