وعن مجاهد: لما أمروا بالنفير قالوا: فينا الثقيل، وذو الحاجة فنزلت، وذكر الأصم قال: لما نزلت الآية جاء ابن أم مكتوم وقال: يا رسول الله أعلي جهاد؟ فقال : ((ما أنت إلا خفيف أو ثقيل)) فرجع ولبس سلاحه وجاء فوقف بين يدي رسول الله وأنزل الله تعالى: {ليس على الأعمى حرج}.
قال الحاكم: إنما وجه آخر الآية إلى المنافقين مع أولها في المسلمين؛ لأنهم كانوا يظهرون الإسلام فأجرى عليهم حكم المؤمنين وعرف حالهم ليتحرز من مكابدتهم.
وثمرة الآية :
وجوب الجهاد والنفير عند دعاء الرسول على الجميع من الخفيف والثقيل.
قيل: الخفاف الشباب، والثقال الشيوخ، عن أنس والحسن، والضحاك، ومجاهد، وقتادة، وعكرمة، ومقاتل، وأبي علي.
وقيل: مشاغيل وغير مشاغيل، عن الحكم.
وقيل: خفافا من المال وثقالا منه، عن أبي صالح، وقيل: نشاطا وغير نشاطا عن ابن عباس وقتادة وأبي مسلم.
وقيل: ركبانا ومشاة عن عطية العوفي، وأبي عمرو، وقيل: ذا ضيعة وغير ضيعة، وقيل: من أصحاء ومرضى.
وقيل: أخفاء من السلاح وثقالا به، واختلف المفسرون هل في الآية نسخ أم لا؟ فقيل: إن فيها نسخا بقوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج}.
وعن ابن عباس: نسخ النفير على الضعيف بقوله تعالى في هذه السورة{ليس على الضعفاء ولا على المرضى}.
وقيل: لا نسخ فيها، ذكره القاضي ابن أبي النجم في كتابه: (التبيان).
قال عبد الله بن الحسين في قول من قال إن فيها نسخا :إن هذا قول مدخول فاسد، وهي ناسخة غير منسوخة، وأنها مؤكدة بوجوب الجهاد على الثقيل والخفيف وأنها رادة لقول من قال: إن فينا الخفيف والثقيل.
وقال في الكشاف: وعن صفوان بن عمرو كنت واليا على حمص فلقيت شيخا كبيرا قد سقط حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو فقلت: يا عم لقد أعذر الله إليك، فرفع حاجبيه وقال: يابن أخي استنفرنا الله خفافا وثقالا إلا أنه من يحبه الله يبتليه.
Page 2