Thulāthiyyat al-Burda Burdat al-Rasūl ṣallā Allāh ʿalayhi wa-ālīhi wa-sallam
ثلاثية البردة بردة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Publisher
دار الكتب القطرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٠
Publisher Location
الدوحة
Genres
الإمام البوصيري وأحمد شوقي فقد كتبا عن جهاد الرسول ﷺ. كل من وجهة نظره وبعلم كامل بعظمة الرسول ﷺ. ولكن من خلال معطيات عصره فنجد أن كعبا عندما يتكلم فانه- وكما سبق أن قلنا- يتكلم كلام حديث عهد بالاسلام ومع أنه كان حديث عهد في الاسلام إلا أنه قد سمع ورأى وأحس بقوة هذا الدين الجديد وببأس أصحابه وقدرتهم فهو يصف هذه القدرة بأنها قدرة من لا يقبل أن يطعن في ظهره، بل يقبل على الموت وهو يهلل فرحا به طمعا في شهادة لا ريب فيها وهذا في البيت الأخير من القصيدة، وقد سبق أن تكلمنا عن هذه الأبيات الخاصة بجهاد المسلمين في الجزء الخامس بمدح الرسول ﷺ ومدح المسلمين عند كعب، وننتقل من كعب إلى الإمام البوصيري وهو يتكلم عن جهاد الرسول ﷺ فهو مادح له ولكل مسلم من المسلمين الذين شاركوا الرسول ﷺ في سبيل الله وهو هنا ينظر إلى الجهاد نظرة أكثر عمقا وفهما لمعنى الجهاد في الإسلام، فليست الرهبة والغزو واستخدام السيف والرمح هي الجهاد في الاسلام، وإنما هو الجهاد مع المشركين أولا بمحاولة اقناعهم بالدين الاسلامي بالحجة والكلمة الطيبة ثم محاربة كل من يخرج على اطار الدين ولا يرضى بالجزية، وكأن الإمام البوصيري يريد أن يبينّ مرة أخرى موقف الناس من ظهور الرسالة المحمدية إذ يبتديء هذا الجزء من القصيدة بأن يصف فزع الناس وخاصة أعداء الرسول عند سماعهم بأن الله جل وعلا قد بعث محمدا ﷺ للعرب رسولا، وهذا الخوف والفزع قد أدى إلى التصادم مع المؤمنين بالرسالة المحمدية وإيذائهم، ويستمر الإمام البوصيري في وصفه للجسارة وقوة المسلمين وفي عظمة الرسول ﷺ في جهاده خلال اثنين وعشرين بيتا يذكر فيها مدى انتصارات المسلمين وكيف أنهم كالجبال لا يتعرض لهم عدو إلا هزموه وقهروه، ويصف المسلمين المحاربين بأن لهم علامة تميزهم مثل الورد فهم يتميزون عن غيرهم من الأشياء بالرائحة فتحسبهم كالأزهار، ويصفهم بأنهم من كثرة استمرارهم بالحرب على ظهور الخيل كأنهم قد نبتوا في ظهور خيلهم لا يريدون النزول بإرادتهم وليسوا مجبرين على ذلك ولكنهم يقتدون بقائدهم ﷺ محمد بن عبد الله الذي يصفه الشاعر بأنه
1 / 158