Thulāthiyyat al-Burda Burdat al-Rasūl ṣallā Allāh ʿalayhi wa-ālīhi wa-sallam
ثلاثية البردة بردة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Publisher
دار الكتب القطرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٠
Publisher Location
الدوحة
Genres
معه فيقول له بتعبير رقيق فيه الرجاء (لا تأخذني) ولا هنا الناهية، والغرض من النهي طلب العفو، ولو قال لا تأخذني كنهى حقيقي لوضع نفسه بمكان الرسول ﷺ، ولكنه هنا يضع نفسه في مكان صغير وضعيف نسبة إلى مكانة الرسول ﷺ ثم يؤكد للرسول بعد ذلك براءته من أي ذنب عاقبه عليه.
ويبلغ كعب بن زهير في هذه الأبيات الثلاثة درجة عالية في دقته، فهو على الرغم من وصفه للناقة في واحد وعشرين بيتا لم يبلغ في دقة التعبير فيها ما بلغه في تلك الأبيات الثلاثة التي اختصت بطلب الأمان فهو مركزّ، دقيق التعبير، دقيق في اختيار اللفظ الموحي، الذي يدل دلالة ليس فيها صدق المعنى وصدق الاحساس فحسب، بل فيها الرهبة الشديدة تجاه الرسول وصدق الايمان الذي فاجأه برؤية الرسول ﷺ بسماته وبهيبته التي دخلت قلب كعب حتى أنه تقدم وطلب الأمان ولا ريب أن هذه الأبيات هي مناط قوله للقصيدة ككل، ففيها حاجة كعب من الرسول ﷺ، وفيها طلبه للأمان الذي أعطاه إياه الرسول ﷺ قبل دقائق معدودة من إلقائه للقصيدة أمام الرسول ﷺ وكان محور القصيدة وأساسها هو هذه الأبيات الثلاثة، وعلى أساسها بنى كعب كل قصيدته التي لم يقلها إلا رغبة في حسن الأثر عند الرسول ﷺ فما كان من عادة العرب أن يمدحوا العظيم بأبيات قلائل، فما بالنا بالرسول ﷺ وهو اخر الأنبياء والرسل، وقد جاءه فطحل من كبار شعراء العرب وكان قد وصلت إلى الرسول ﷺ أبيات منحولة عليه يسبه فيها فماذا يفعل هذا الشاعر إلا أن يقف ويستعرض بلاغته وقدرته الشعرية في أبيات كثيرة، ولكنه عندما يعرض حاجته عند الرسول الكريم وهي طلب العفو عنه فهو بكل صدق وبكل عمق وبكل رغبة في الأمان يطلبها في ثلاثة أبيات فقط لتكون مركزة تركيزا شديدا.
٧- الجهاد في سبيل الله:
في هذا الجزء كتب كل من الشعراء الثلاثة بقدر علمه وبقدر معايشته للإسلام، فمنهم من لم يدرك إلا غزوة أو بعض غزوات ككعب بن زهير، أما
1 / 157