[النحل: 101].
روى أن جماعة من الصحابة قاموا ليلة ليقرأوا سورة، فلم يبق لهم منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فأخبروه صلى الله عليه وسلم غدوة الليلة، فقال: رفعت تلاوتها وحكمها، ومما نسخ لفظه وحكمه: عشر رضعات معلومات يحرمن، وكثير من سورة الأحزاب، وكانت كالبقرة، إلا أنه يحتمل بقاء بعض حكمها فى سورة أخرى.
قال بعض الصحابة: كنا نقرأ سورة تشبهها فى الطول والشدة ببراءة، فأنسبتها، غير أنى حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى إليهما واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا تراب، وكنا نقرأ سورة تشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أنى حفظت منها
يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون
[الصف: 2] فتكتب شهادتها فى أعناقكم، فتسألون عنها يوم القيامة.
ومما نسخ لفظه فقط آية الرجم: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما... الآية، قال عمر: قرأناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، إذا كانت البينة أو الحمل أو الاعتراف، وكانت فى سورة الأحزاب، وقيل فى النور، وقوله تعالى: خروجكم عن آبائكم كفر، يعنى انتسابكم إلى غيرهم.
ومما نسخ حكمه فقط آية عدة الوفاء بالسنة، نسخت بآية العدة بأربعة أشهر وعشر، وآية وجوب ثبوت واحدة لعشرة بآية ثبوت واحد لاثنين.
ويكون النسخ بالإبدال إلى أخف كالأربعة الأشهر، والمصابرة لأقل من ثلاثة، وإلى أثقل كوجوب الصوم بعد التخيير بينه وبين الإطعام، وكترك القتال حتما إلى وجوبه فيما قيل، ونسخ الإباحة إلى التحريم، كتحريم الخمر بعد إباحتها، وإلى مساو كنسخ الصلاة إلى القدس بالصلاة إلى الكعبة، وبلا إبدال، وحمل عليه قوله عز وعلا: " أو ننسها " فالمعنى نأت بغيرها فى غير شأنها، وأما نسخ وجوب صوم عاشوراء إلى الندب بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو برمضان أو صوم الثلاثة برمضان فموجود، إلا أنه لا يوجد المنسوخ فى القرآن صراحا، بل بتأويل. { ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير } زيادة تثبيت للنبى صلى الله عليه وسلم، وأمته تبع له، أو الخطاب لكل من يصلح له، يعلمون أن الله لا يعجزه شىء، فقد نسخهم قردة وخنازير بعد أن كانوا فى صورة البشر، وليس ذلك بداوة، بل قضى الله الأزل، أن بقاءهم فى صورة البشر إلى وقت مخصوص، فكذلك قضى الله فيه، أن الآية تبقى إلى كذا، ثم إنه إن كان النسخ إلى أخف فالخيرية فى النفع، أو إلى أثقل فالخيرية فى الثواب، هذا فى الحكم، وإن كان النسخ فى اللفظ إلى أخصر فالخيرية فى النفع، أو إلى أطول نفى الثواب، وإن كان فى اللفظ والحكم إلى أخف حكما وأخصر لفظا فالخيرية فى النفع، أو إلى أثقل حكما وأطول لفظا فالخيرية فى الثواب، أو إلى أخف حكما وأطول لفظا فالخيرية فى النفع والثواب، أو إلى أثقل حكما وأخصر لفظا فالخيرية فى الثواب بالنسبة للحكم، وفى النفع بالنسبة إلى اللفظ، منه بعضهم النسخ إلى أثقل.
والنسخ دليل على أن القرآن حادث مخلوق، ولا نثبت الكلام النفسى، فضلا عن أن يقال: التعبير من عوارض ما يتعلق به الكلام النفسى، وهى الأفعال، فى الأمر والنهى، والنسب الخبرية فى الخبر، وفى إثبات الكلام النفسى إثبات كون الله ظرفا ومتحيزا، وإن رجع ذلك إلى العلم لزم أن كل ما علمه قديم، والقرآن هو هذه الألفاظ، لا غيرها.
[2.107]
Unknown page