[الملك: 19]، إن المصدقين والمصدقات، وأقرضوا، أو وهم يستبشرون، ومعنى يستبشرون يفرحون ببشارة والله، وهو أيضا للمجرد، أى ويبشرون بفتح الشين وإسكان الباء قبلها، أو مطاوع أبشر، كأراحه الله فاستراح، أي أبشرهم الله بذلك فاستبشروا، أو يطلبون البشارة من الله لإخوانهم فى الدين وقرابتهم بما نالوه من الشهادة من الكرامة ليفرحوا لهم ويحرصوا على القتال { بالذين لم يلحقوا بهم } بإخوانهم المؤمنين الذين لم يلحقوا بهم حينئذ، بأن لم يقتلوا، ولكن يقتلون بعد ذلك شهداء { من خلفهم } قال ابن عباس: تنزل على الشهداء صحف مكتوبة فيها أسماء من يقتل بعدهم شهيدا، فيفرحون لهم بذلك، والاستبشار يذكر ويراد به الفرح ويراد به البشارة، ذلك كقوله تعالى:
يا ليت قومى يعلمون بما غفر لى ربى
[يس: 26، 27] الخ { ألا خوف عليهم } من وقوع محذور لعدمه، ومصدر السلب بدل اشتمال من الذين، أى انتفاء خوف من خلفهم، ويجوز أن يقدر بأن لا، وليس المراد أن المتقدمين لا يخافون على من خلفهم { ولا هم يحزنون } على فوت محبوب إذا ماتوا لعدم فوته.
[3.171]
{ يستبشرون } كرره تأكيدا لنفى الخوف والحزن بإثبات النعمة، والفضل له وأجر الإيمان لهم، وقد قيل: هو بدل من يستبشرون الأول، والاستبشار الأول حال إخوانهم الذين يستشهدون بعد، والثانى بحال أنفسهم، أو الأول بدفع المضار ولذا قدم، والثانى بوجود المسار { بنعمة من الله } مقدار من النعمة، جعله بفضله ثوابا لأعمالهم، لا لاستحقاقهم، لأن أعمالهم خلقها الله لهم ويسرها لهم فهى نعمة أيضا { وفضل } مقدرا من العمة زائد على ماجعله ثوابا،وكلا المقدار بن لا يعلم كنهه إلا الله، وذلك كقوله تعالى:
للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
[يونس: 26]، { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } أجر إيمانهم، فالنعمة أجر العمل، وهذا أجر التصديق والتوحيد، والمراد عموم المؤمنين، فدخل فيه هؤلاء، وأما الكفرة فلا أجر لهم على عملهم ولا فضل.
[3.172-173]
{ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح } الجرح فى أحد، أمدح الذين، او هم الذين، أو بالذين لم يلحقوا بهم الذين استجابوا، أو المؤمنين الذين، او الذين استجابوا لله الخ لمحسنهم المتقين أجر عظيم، كما قال { للذين أحسنوا منهم } بالإعمال الصالحة { واتقوا } مانهوا عنه { أجر عظيم } ومن لم يكن منهم كذلك فلا أجر له، وإن فرضنا أن هؤلاء كلهم محسنون متقون فمن للبيان، وهذا راجح، أو متعين لقوله عز وجل، استجابوا، فذكر الإحسان والاتقاء مدح وتعليل لا قيد، ولذلك عدل عن مقتضى الظاهر، وهو أنه يقول لهم أجر عظيم، وهم من أعظم من يمدح، إذ خرجوا للقتال مع ما فيهم من جروح جديدة، تقدم أنه لما ذهب أبو سفيان يوم أحد إلى مكة خرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك من الغد للقتال صبيحة يوم الأحد لست عشرة أو ثمان مضت من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة، ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يخرج أحد معنا إلا من شهد معنا يومنا بالأمس، فخرج ستمائة وثلاثون رجلا مؤمنا خالصا إلى أن وصلوا حمراء الأسد، موضع على ثمانية اميال من المدينة على يسار الذاهب إلى ذى الحليفة، وبه سميت غزوة حمراء الأسد وأقاموا بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجعوا إلى المدينة يوم الجمعة، وقد غابوا خمسا، وأذن صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله بن حرام أن يرجع إلى المدينة ليتم على سبع أخوات له، أمره أبوه بهن، وقيل: خرج فى جماعة، لا فى ستمائة وثلاثين وسبب هذا الخروج ما بلغة أن أبا سفيان لما بلغ الروحاء ذاهبا إلى مكة أراد الرجوع إلى المدينة ليستأصل من بها ولم يرجع لرعب فى قلبه، واشتد هربهم فلم يدركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما غزوة بدر الصغرى فمن قابل، إذ واعد أبو سفيان بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشار إليها فى قوله:
{ الذين قال لهم الناس } نعيم بن مسعود الأشجعى، عام أريد به خاص إطلاقا للكل وإرادة البعض، كقوله تعالى:
Unknown page