[3.158]
{ ولئن متم } فى الجهاد أو غيره { أو قتلتم } فى أحدهما { لإلى الله } لا إلى غيره، ممن ينسى أو يغفل، أو يريد ضركم أو يريد نفع الكفار، أو يداهن، أو يصيبه خلل، وقدم الموت لأنه أكثر مع استوائه مع القتل فى الحشر { تحشرون } للجزاء.
[3.159]
{ فبما رحمة من الله } ما صلة للتأكيد، وكذا فيما تقضهم، وعما قليل، وجند ما هنالك، وعما خطاياهم، ومما خطيئاتهم، أو بمعنى شىء، أو خصلة، فتبدل منها رحمة، أبهم ثم بين، وقدم للحصر على متعلقه وهو قوله { لنت لهم } سهلت، بتحمل آذاهم، ومخالفتهم إياك يوم أحد إذ تركوا المركز الذى تركه أدى إلى قتل مسلمين كثيرين، وأفراح العدو بالقتل والأسر ولم تعنفهم ولم تحقد عليهم بذلك مع عظم موقعه فى الدين، ومع مقتضى جبلة البشر من الحقد والعقاب وسكنوا إليك لذلك، وهو ضد أخلاق الفظ الغليظ، كما قال الله جل وعلا { ولو كنت فظا } سيىء الخلق { غليظ القلب } قاسيه، فظظت وأغلظت عليهم، وقيل: فظ القول غليظ القلب فى الفعل، وقيل: الفظ فى القول والفعل ظاهر، أو غلظ القلب سوء الباطن، وجاء الخبر، إن أبعد القلوب عن الله القلوب القاسية { لانفضوا } تفرقوا { من حولك } والله سبحانه وتعالى يأمر باللين للسلامة معه من الظلم، ولجلب الناس إلى دين الله ولإبقائهم عليه، ولو لم يلن، وإذا أفضى الله تعالى: جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم، وقال:
فشرد بهم من خلفهم
[الأنفال: 57]، وقال:
ولا تأخذكم بهما رأفة
[النور: 2]، وقال:
أشداء على الكفار
[الفتح: 29] { فاعف عنهم } فعلوه من ترك المركز ومن انهزامهم وإلحاحهم قبل ذلك الخروج إلى أحد وغير ذلك مما هو من حقوقك { واستغفر لهم } فيما لك وفيما لله { وشاورهم فى الأمر } الحرب وغيرها من أمور الدنيا والدين، إلا أن المشاورة فيه إنما هى فى طريق إمضائه بأى وجه، وأما إمضاؤه فواجب لا مشاورة فيه، وحكمة المشاورة الاستعانة برأيهم وترك رأيه إلى رأيهم، إذا ظهر له الصلاح فى الترك، وظهور نصح من ينصحه، ومعرفة مقادير عقولهم وأفهامهم، وتطييب نفوسهم وجلبهم وإذهاب أضغانهم، وأنه يشق على سادات العرب ألا يشاوروا، وأن تقتدى الأمة به فى الشورى فيظفروا بالرأى الصالح قال صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر:
Unknown page