Taysīr ʿilm uṣūl al-fiqh
تيسير علم أصول الفقه
Publisher
مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
ينبغي أن تكونَ أعلى من واحدٍ، وثلاثةٍ أعلى من اثنينِ، وإن لم يبلُغُوا حدَّ التَّوتُرِ، وهذا صوابٌ من حيثُ الجملةُ، لكنَّهُ على أيِّ تقديرٍ متوقِّفٌ على معرفةِ درجاتِ أسانيدِ تلك الرِّواياتِ، وإنَّما يكونُ العددُ ميزَةً زائدَةً في قوَّةِ الحديثِ إذا ثبتَ إسنادُ كلِّ روايةٍ.
فالشَّرطُ في قبُولِ سُنَّةِ الآحادِ هوَ: شرطُ الحديثِ الصَّحيحِ في (علومِ الحديثِ) وما قرُب من الصِّحَّةِ كالحديثِ الحسنِ الَّذي أفادَ السَّبرُ والنَّظرُ أنَّهُ حديثٌمحفوظٌ ليسَ بِمُنكرٍ، فإنَّهُ يجمعُهُ مع الحديثِ الصَّحيحِ أنَّهُما جميعًا إلى جانبِ الرُّجحانِ والقَبولِ، وهذا كافٍ عندَ جمهورِ العلماءِ في إثباتِ الشَّرائعِ والدِّيانَة.
وسُنَّةُ الآحادِ الثَّابتَةُ قبولُها من بابِ (قبولِ الظَّنِّ الرَّاجحِ)، وهوَ حُجَّةٌ مُعتبرَةٌ في الشَّرعِ، ومن الأدلَّةِ عليهِ:
١ـ قوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائفة لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢]، قال أهلُ العربيَّةِ: «الطَّائفةُ: الواحدُ فصاعدًا»، والكفايةُ تحصلُ بواحدٍ يرحلُ فيتفقَّهُ فيعودُ إلى قومِهِ وعشيرتِهِ مُبلَّغًا معلِّمًا نذيرًا، فتصحُّ نِذارتُهُ شرعًا وتلزَمُهُم حُجَّتُهُ، وهي خبرُ آحادٍ.
٢ـ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: ٦]، فأمرَ بالتَّثبُّتِ في قَبُولِ خبرِ الفاسقِ، ممَّا دلَّ بمفهومهِ
1 / 150