285

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

[التوبة: 114]، وهو في ذلك يترصد فرصته يجد للسؤال فيها رخصة إلى أن يساقه التقدير إلى حسن التدبير وسأله نمرود: من ربك؟ فأجرى الحق على لسانه من فضله وإحسانه:

الذي يحيي ويميت

[البقرة: 258]، قال نمرود: وهي رأيت منه ما تقول أو رميت برمية ما به رأيت فوجد الخليل عليه السلام فرصة بهذا المقال لحق رخصته السؤال فأدرج في السؤال، فطلب بهذا الطريق مأموله فأخفى سره وهو: أرني في علته، وهو كيف يحيي الموتى بحفظ الأدب مع الرب، وهو يعلم أنه يعلم السر وأخفى، وكان يعلم الجليل ما هو مقصود الخليل وأول باب فتح عليه من مقصوده بأن خاطبه واسمعه بكلامه بفضله وجوده، وقال تعالى: { أولم تؤمن } [البقرة: 260]، وكان فيه هذه الكلمة من إعجاز القرآن ثلاثة أجوبة مضمرة وثلاثة معان مدرجة مناسبة للسؤال.

وأما الأجوبة: فظاهر السؤال كان دالا على طلب إحياء الموتى.

فأجابه وقال: { أولم تؤمن } يعني ما آمنت عند نمرود بأني أحيي وأميت، فما كان إيمانك حقيقيا.

والجواب الثاني: وذلك أن الخليل أخفى سره وهو طلب الرؤية وعين سؤاله، فكذلك الرب تعالى أخفى سره، وقال: { أولم تؤمن } بميعاد رؤيتي في الجنة فأريك ثمة.

والجواب الثالث: أن الخليل ما كان شاكا فيما التمس ظاهرا؛ ولكنه أرى نفسه مشككا تعللا لسؤال المرام في ثناء الكلام، فكذلك الرب تعالى ما كان شاكا في مقصود الخليل المضمر في سؤاله؛ ولكنه أجاب تشككه في إراءة نفسه كالمتشكك في المقصود والمضمر في سؤاله وقال: { أولم تؤمن } يعني بما طلبت من الإحياء وتغافل عن مرام الجليل من كلامه مجيبا فيما صنع.

وأما المعاني الثلاثة: فالأول: أنه أضمر معنى الإثبات في لفظة النفي قال: { أولم تؤمن } أي: بل تؤمن، كقوله:

ألست بربكم

[الأعراف: 172] أي: أنا ربكم، والثاني: أنه درج فيها معاني جواز الرؤية يعني { أولم تؤمن } بأني أرى يوم الميعاد، فتراني أنت أيضا، فتتضمر في سؤالك طلب رؤيتي.

Unknown page