194

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

[المزمل: 8]، وساعة ليسعى في مروة الروح وهي إيصال الخير إلى جميع الأجزاء الإنسانية من الداخلية والخارجية، الباطنية والظاهرية بمراقبة أحوال الباطن ومزاولة أعمال الظاهر في الطاعة، وتقديم الخيرات إلى نفسه وأهله وعياله والعالمين بأسرهم، والإشارة في سبع مراتب أن لظاهر الإنسان سبعة أركان ولباطنه سبعة أطوار، فكذلك العالم سبعة أقاليم { فمن حج البيت } [البقرة: 158]، بيت القلب في طلب الرب { فلا جناح عليه } [البقرة: 158]، خرج { أن يطوف } [البقرة: 158]، بصفا السر فإنه تعظيم أمر الله، ويسعى { بهما } [البقرة: 158]، في مروة الروح فإن الشفقة على خلق الله يكون من شعائر الله، ويصل بركات سعيه إلى سبعة أركانه الظاهرة، وسبعة أطواره الباطنة، وإلى سبعة أقاليمهم كقوله تعالى:

وأن ليس للإنسان إلا ما سعى

[النجم: 39]، وأن سعيه سوف يرى، ولهذا قال تعالى: { ومن تطوع خيرا } [البقرة: 158] يعني: في حق نفسه أو حق غيره { فإن الله شاكر } [البقرة: 158]، يأخذ الواحد من الأعمال الفانية، ويعطي العشر إلى سبع مائة ضعف إلى ما لا يرى من الحسنات الباقية، بل يأخذ الوجود المجازي ويعطي الوجود الحقيقي { عليم } [البقرة: 158]، بنيات العباد في تقربهم إليه، فيقرب إليهم بقدر صفاتهم في الطاعات، ومردتهم في الخيرات، كقوله تعالى في الحديث الرباني:

" من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته أهرول "

، وهذا من حقيقة صفة الشكورية، ومن كمال رأفته وغاية عاطفته مع أهل محبته وصفوته إن آثار أقدامهم وساعات أيامهم أشرف الأمكنة وأعز الأزمنة، فتلك المشاهد والآثار تعظم وتزار، وإلى تلك المشاهد والأطلال تشد الرواحل والرحال، كما قال قائلهم:

هوى أهوائها لمن قد كان ساكنها

وليس في الدار لي هم ولا وطر

وإن لتراب أقدامهم بل لغبار آثارهم عند الأخيار أقدار عظيمة بل غبرة تبقى على حانات طريقهم عند صديقهم لأعز من المسك الأزفر، كما قيل: وما ذاك إلا أن متت بجنابه أميمة في سرب.

ثم أخبر عن خسارة أهل الخسارة في كتمان الأحكام ونعت حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم وبقوله تعالى: { إن الذين يكتمون مآ أنزلنا من البينات والهدى } [البقرة : 159]، الآيتين والإشارة فيهما أن كمال ما كوشف به السالك الواصل من بينات علوم الحقائق، وأسرار القرآن والأنوار وهداية الطريق إلى الله تعالى آداب السلوك، ومعرفة آفات النفس وطريق الخلاص منها بتزكيتها ومعرفة المقامات والأحوال والفرق بينهما { من بعد ما بيناه للناس } [البقرة: 159]، بينه الحق بتسليكه فيه وعرفه بطريق التسليك فيها عن طلاب الحق، وأهل الإرادة والصدق والمستعدين لقبول النصح والإرشاد مما يوجب المقت في الوقت، ويخشى عليه عذاب ذل الحجاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" من سئل عن علم علمه الله فكتمه ألجمه بلجام من النار ".

Unknown page