Tawba
التوبة وظيفة العمر
Genres
وإذا أفاق الوجد واندمل الهوى رأت القلوب ولم تر الأحداق(302)
ولهذا تجد العاشق يغالي في المعشوق، ويصور له في قلبه ما يصور؛ لأن عقله شبه غائب، مع أن أقرب الناس للمعشوق، وأعرفهم به_لا يرون له ذلك الشأن؛ بل ربما رأوه أقل من ذلك بكثير، بل ربما لم يروا له فضلا البتة.
م_تصور فقد المحبوب: إما بموته، أو بفراق يحدث عن غير اختيار، أو بنوع ملل، فيزول ما أوجب المحن الزائدة على الحد التي خسر بها المحب جاه الدنيا والدين.
ن_النظر في العاقبة: أفترى يوسف_عليه السلام_لو زل من كان يكون؟ .
فالعاقل_إذا_هو من وزن ما يحتوي عليه العشق من لذة ونغصة؛ فنغصه كثيرة، وأذاه شديد، وغالب لذاته محرم، ثم هي مشوبة بالغموم، والهموم، وخوف الفراق، وفضيحة الدنيا، وحسرات الآخرة؛ فيعلم الموازن بين الأمرين، الناظر في العاقبة_أن اللذة مغمورة في جنب الأذى.
وأفضل الناس من لم يرتكب سببا
حتى يفكر ما تجني عواقبه(303)
س_أن يعلم المبتلى أن الابتلاء سبب لظهور جواهر الرجال: فربما ابتلي الإنسان بذلك، فإن صبر ظهر فضله، وكمل سؤدده، ونقل إلى مرتبة أعلى ، وربما نال محبة خالقه تلك المحبة التي تملأ قلبه، وتغنيه عن كل محبة.
ف_النظر فيما يفوته التشاغل بالعشق من الفضائل: فإن أرباب اليقظة عشقهم للفضائل من العلوم، والعفة، والصيانة، والكرم، وغير ذلك من الخلال المحمودة_أوفى من ميلهم إلى شهوات الحس؛ لأن شهوات الحس حظ النفس، وتلك الخلال حظ العقل والنفس الناطقة الفاضلة إلى ما يؤثر العقل أميل، وإن جرها الطبع إلى الشهوات الحسية.
هذه بعض الأسباب المعينة على علاج العشق، الواقية_بإذن الله_لمن لم يقع فيه.
فحري بمن أخذ بها أن يعان، ويوفق؛ فإن جاهد، وصابر، ثم بقي بعد ذلك في قلبه ما بقي فإنه لا يلام عليه.
يقول الجنيد×: =الإنسان لا يعاب بما في طبعه، إنما يعاب إذا فعل بما في طبعه+(304).
Page 110