111

قال ابن حزم×: =لا عيب على من مال بطبعه إلى بعض القبائح ولو أنه أشد العيوب وأعظم الرذائل، ما لم يظهره بقول أو فعل.

بل يكاد يكون أحمد ممن أعان طبعه على الفضائل.

ولا تكون مغالبة الطبع الفاسد إلا عن قوة عقل فاضل+(305).

وقال ابن الجوزي×بعد إيراده عددا من الأدوية النافعة لداء العشق: =فإن قال قائل: فما تقول فيمن صبر عن حبيبه، وبالغ في استعمال الصبر، غير أن خيال الحبيب في القلب لا يزول، ووسواس النفس به لا ينقطع؟ .

فالجواب: أنه إذا كففت جوارحك فقد قطعت مواد الماء الجاري، وسنيضب ما حصل في الوادي مع الزمان، خصوصا إذا طلعت عليه شمس صيف الخوف، ومرت به سموم المراقبة لمن يرى الباطن_فما أعجل ذهابه.

ثم استغث بمن صبرت لأجله، وقل: إلهي! فعلت ما أطقت؛ فاحفظ لي ما لا طاقة لي بحفظه+(306).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية×في معرض حديث له عن العشق، وعلاجه: =وميل النفس إلى النساء عام في طبع جميع بني آدم، وقد يبتلى كثير منهم بالميل إلى الذكران كالمردان، وإن لم يكن بفعل الفاحشة الكبرى كان بما هو دون ذلك من المباشرة، وإن لم تكن كان بالنظر، ويحصل للنفس بذلك ما هو معروف عند الناس.

وقد ذكر الناس من أخبار العشاق ما يطول وصفه؛ فإذا ابتلي المسلم ببعض ذلك كان عليه أن يجاهد نفسه في طاعة الله_تعالى_وهو مأمور بهذا الجهاد، وليس هو أمرا حرمه على نفسه؛ فيكون في طاعة نفسه وهواه.

بل هو أمر حرمه الله ورسوله، ولا حيلة فيه؛ فتكون المجاهدة للنفس في طاعة الله ورسوله+(307).

وقال في موضع آخر: =وليتخذ وردا من الأذكار في النهار، ووقت النوم، وليصبر على ما يعرض له من الموانع والصوارف؛ فإنه لا يلبث أن يؤيده الله بروح منه، ويكتب الإيمان في قلبه.

وليحرص على إكمال الفرائض من الصلوات الخمس، باطنة وظاهرة؛ فإنها عمود الدين.

Page 111