ويفتتح الكتاب الثاني بالباب التاسع عشر، حيث تتعلق الصفات بذكر الجمال الإنساني أو الحسن. ومن الطبيعي أن تجيء الأبواب التالية في الشعر وأصداغ القيان والغلمان والوجه والخدود والعيون والثغور والنهود والقدود، ويقطع هذا الترتيب المتدرج في تبيان جمال الأعضاء الباب (٢٧) فيتحدث فيه عن طيب الحديث، ثم يعود إلى ذكر الخصور والأرداف، وبعد ذلك ينتقل إلى المواقف العاطفية كالعناق والوداع والبكاء والسهر ومراعاة النجوم وزيارة الطيف والنحول والوقوف على الديار والتياح النيران. وبهذا تنتهي الأبواب لمتصلة بموضوعين كبيرين: الجمال والحب؛ ويبدأ الكتاب في الباب السابع والثلاثين بالتحول إلى وجهة أخرى فتتناول أبوابه مادتين:
(أ) الصراع بين الإنسان والطبيعة من شتاء وصقيع وقطع للمفاوز والبحار وصيد الحيوان، ومواجهة الحيات.
(ب) الصراع بين الإنسان والإنسان أي الحرب وما يتعلق بها وبالآئها المختلفة وما ينجم عنها من قتل وصلب وخوف ... الخ. وهكذا نرى أن الكتاب الثاني أيضًا على انقسامه في موضوعين كبيرين قد جعل الموضوعات الإنسانية في السكون والحركة هي مجاله الكبير.
أما الجزء الثالث الذي يبدأ بالباب الثاني والخمسين فإنه يتناول الكتابة وأدواتها وبعض الآلات الحضارية الأخرى كالمذبة والمروحة ولكنه ينتقل فجأة من هذا المهيع الحضاري إلى الحديث في الأخلاق من وجود وبخل وفي أصناف من الناس كالطفيليين والثقلاء، وتنحو أشعار الباب هنا نحو الهجاء والسخرية ليتلوها أبواب في الاعتبار بالفناء وفي الشيب والهرم وذكر الموت، ثم يختم الكتاب بباب عنوانه " باب شواذ تقل نظائرها " ويبدو في الجزء الثالث أن المؤلف قد أعياه الالتزام بشيء من الترتيب المتدرج الذي التزمه في الجزءين السابقين وأنه حشد في الجزء الثالث أبوابًا متفرقة كما حشد في الباب الأخير موضوعات متفرقة أيضًا تأبى على التقسيم.
[والكتاب يقع في سلسلة من الكتب ألفت ف الموضوع نفسه، في المشرق، منها كتاب لحمزة الأصفهاني وآخر لابن أبي عون، وعند مقارنة هذا الثاني
1 / 15