Tarikh Umma Casr Rashidun
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Genres
وإجشامي على المكروه نفسي
وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت
مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات
وأحمي بعد عن عرض صحيح
وكان أهل العراق لا يشكون في ظفرهم، لولا الحيلة التي احتالها معاوية وأصحابه حين رأوا أن المصاحف قد نشرت مرفوعة على رءوس الرماح والسيوف، بينما خرج مناد من أهل الشام يقول: هذا كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته إلى خاتمته، الله الله يا قوم في العرب، الله الله في الإسلام، الله الله في الثغور، من لثغور الشام إذا هلك أهل الشام؟ ومن لثغور العراق إذا تفانى أهل العراق؟ فلما رأى العراقيون المصاحف وسمعوا الدعاء تداعوا إلى قبول الهدنة، وذهب رؤساؤهم إلى الإمام بذلك، فقال لهم: لا والله، إن القوم ليسوا بأصحاب قرآن، ولم يرفعوه على أرماحهم تائبين إلى ما فيه ، وإنما رفعوه كائدين يبغونكم الفتنة بالحيلة. ولكن أصحاب الإمام ألحوا عليه حتى أنذروه بمفارقته، ومنهم من أنذره بتسليمه إلى معاوية، ومنهم من قال له: امض في القتال، وتفرق بأس القوم بينهم، فاضطر الإمام إلى وقف القتال، ولم يكف الأشتر النخعي عن المضي في الحرب إلا بعد لأي، وذهب رسل علي إلى معاوية، فقال لهم: نختار منا رجلا ومنكم رجلا، ونأمرهما أن يفصلا بيننا بما في كتاب الله، ورجع رسل علي إليه بكلام معاوية، فلما سمعه حوقل، وتصايح القوم في حضرته يقول أكثرهم بالقبول، وأقلهم بالرفض ، واضطر الإمام أن يجيب الكثرة إلى ما رأت. •••
كانت الحيلة التي لجأ إليها عمرو بن العاص برفع المصاحف حيلة نافذة، ضعضعت صف جيش الإمام وشتتت شمله، ولو كان الغرض منها شريفا لهان الأمر، ولكن معاوية وعمرا قد بيتا مؤامرة خبيثة تهدف إلى عزل الإمام بالاتفاق مع بعض قادته، وفي طليعتهم: الأشعث بن قيس الكندي.
ومهما يكن الأمر، فإن الطرفين المتخاصمين اتفقا على أن يحكموا رجلين لحل هذه المعضلة، فاتفق جماعة معاوية على اختيار عمرو بن العاص، واتفق جماعة علي على أبي موسى الأشعري، واجتمع المفوضون من الطرفين فكتبوا شروط الهدنة من وقف القتال، واختيار الحكمين، وموعد اجتماعهما، وتأمينهما على أنفسهما وأموالهما مهما يكون حكمهما، كما اتفقوا على حرب من يخالف هذه الوثيقة التالي نصها: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضى علي على أهل العراق ومن كان معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضى معاوية على أهل الشام ومن كان من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين: إننا ننزل عند حكم الله، وبيننا كتاب الله فيما اختلفنا فيه من فاتحته إلى خاتمته، نحيي ما أحيا، ونميت ما أمات، فما وجد الحكمان في كتاب الله فإنهما يتبعانه، وما لم يجداه مما اختلفا فيه في كتاب الله نصا أمضيا فيه السنة العادلة الحسنة الجامعة غير المفرقة، والحكمان: عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص، وأخذنا عليهما عهد الله وميثاقه ليحكما بما وجدا في كتاب الله نصا، فما لم يجداه في كتاب الله مسمى عملا فيه بالسنة الجامعة غير المفرقة.»
وأخذا من علي ومعاوية ومن الجندين كليهما وممن تأمرا عليه من الناس عهد الله ليقبلن ما قضيا به عليهما، وأخذا لأنفسهما الذي يرضيان به من العهد ومن الثقة بالناس أنهما آمنان على أنفسهما وأهليهما وأموالهما، وأن الأمة لهما أنصار على ما يقضيان به من العدل على علي ومعاوية، وعلى المؤمنين والمسلمين من كلا الطائفتين، وأن على عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أن يصلحا بين الأمة، ولا يرداها إلى فرقة ولا حرب، وأن أجل القضية إلى شهر رمضان، فإن أحبا أن يعجلاها دون ذلك عجلا، وإن أحبا أن يؤخراها عن غير ميل منهما أخراها، وإن مات أحد الحكمين قبل القضاء فإن أمير كل شيعة وشيعته يختارون مكانه رجلا لا يألون عن أهل المعدلة والنصيحة والإقساط، وأن يكون مكان قضيتهما التي يقضيانها فيه مكان عدل بين الكوفة والشام والحجاز، لا يحضرهما فيه إلا من أرادا، فإن رضيا مكانا غيره فحيث أحبا أن يقضيا، وأن يأخذ الحكمان من كل واحد من شاءا من الشهود، ثم يكتبا شهادتهم في هذه الصحيفة أنهم أنصار على من ترك ما فيها: اللهم نستنصرك على من ترك ما في هذه الصحيفة وأراد فيها إلحادا أو ظلما، وشهد بما في هذا الكتاب من أصحاب الإمام: عبد الله بن العباس، والأشعث بن قيس، والأشتر مالك بن حارث، وسعيد بن قيس الهمداني، والحصين، والطفيل بن الحارث بن المطلب القرشي، وعوف بن الحارث بن المطلب القرشي، وربيعة بن مالك الأنصاري، وعقبة بن عامر الجهني، ورافع بن خديج الأنصاري، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وورقاء بن سمي، والحسن والحسين ابنا علي، وعبد الله بن حجل الأرحبي، ويزيد بن حجية التميمي.
Unknown page