من مكة إلى منى فرسخ. وإلى المشعر الحرام فرسخ. وإلى جبل عرفات فرسخ، مبتدئ وادي نعمن وفيه أراك ونخل.
ألا هل لأيام المحصب أوبة ... وهل لي بهاتيك القباب وحلول
وهل لليالي الخفيف بالخفيف مرجع ... وهل لمبيت بالجمار سبيل
وهل لي بأعلام المعرف وقفة ... وبالسرح من وادي الأراك مقبل
وإلى برقة ثلاث فراسخ وبه قبر الأمير شكر بن أبي الفتوح الذي أستفتح جدة. وإلى المرزة أربع فراسخ والأصل ستة فراسخ. وإلى الحجر فرسخين ويكون جوازك على جبل عالٍ يسمى عفر، قال أبن المجاور: ولا شك أنه يسمى غزوان وبه قال الشاعر:
إذا خفت يومًا من أمير عقوبة ... فلي باللوى من رأس غزوان منزل
بناء الطائف
قرأت في كتاب الفاكهي قال: حدثني الحسين قال حدثني على بن الصباح قال حدثني أبن الكلبي عن إياد بن نزار ويقال عن أبيه عن أبي صالح عن أبن عباس قال: كان بالنخع وثقيف رجلان من إياد بن نزار يقال لأحدهما ثقيف وهو قسي بن منبه أبن بنت أفصى بن دعمي بن إياد بن نزار والآخر النخع بت عمرو بت طهمان بن عبد مناة بن يقدم بن أفصي بن دعي بن إياد بن نزار. فخرجا ومعهما غنيمات لهما فيها عنز لبون وهما يشربان من لبنها، فعرض لهما مصدق ملك من ملوك اليمن فأراد أن يأخذ من غنمها الصدقة. فقالا: خذ من أيتهن شئت! فقال: آخذ صاحبة اللبن. فقالوا: إنما معيشتنا ومعيشة هذا الجدي من لبنها. فأبى إلا أخذها فقتله أحدهما. فقال له صاحبه: لا يجمعني وإياك بلد ولا تحوينا أرض فإما أن تصعد وأنحدر وإما أن تنحدر وأصعد. فقال النخع: أنا اصعد، فأتى النخع بيشة فنزلها. ومضى ثقيف إلى وادي القرى فكان يأوى إلى عجوز يهودية يكمن عندها بالليل ويعمل بالنهار فعند ذلك اتخذته ولدًا واتخذها أمًا. فلما حضرها الموت فقالت: يا بني إذا مت فخذ هذه الدنانير وهي قضبان من الكرم فإذا نزلت بلدا فأغرس هذه القضبان فأنك لا تعدم منها رزقا. ففعل ثقيف ذلك ثم أقبل حتى نزل موضعا قريبًا من الطائف، فإذا هو بجارية حبشية على ظهر ترعى مائة شاة لمولاها. فأسر طمعًا فيها وقال: أقتلها وآخذ الغنم! فألقى في نفسها ما أراد بها فقالت له: يا هذا كأنك طمعت نفسك أن تقتلني وتأخذ غنمي؟ قال: نعم. قالت له: لقد عدلت ولو قتلتني وأخذت الغنم ما نجوت فأنا جارية عامر بن الظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن عدوان بن عمرو أبن قيس بن عيلان بن مضر وهو سيد أهل الوادي وأنا أظنك غريبًا خائفًا. قال: نعم. قلت: أفلا أدليتك على خير مما أردت؟ قال: بلى! قالت: إن مولاي إذا طلعت الشمس ليأتي إلى هذه الصخرة فيضع ثيابه وقوسه وجفيرته عندها وينحدر في هذا الوادي يقضي حاجته ويتوضأ من العين التي في الوادي ثم يرجع ويأخذ ما ترك وينصرف إلى رحله ويأمر مناديًا ينادي: ألا من أراد العيش والتجمع فليأت دار عامر بن الضرب! فيقبل جميع من أراد ذلك، فأكمن له تحت الصخرة وخذ ثوبه وقوسه وجفيرته فإذا رآك وقال: من أنت؟ فقل: غريب فأنزلني وخائف فأجرني وكفيء فزوجني إن كنت برًا شريفًا! فقال: أنا افعل جميع ما ذكرت. فال فخرج عامربن الضرب كعادته فاستخفى له ثقيف فلما دخل الوادي فعل ثقيف ما أمرته به الجارية فقال عامر بن الضرب: انطلق فانطلق معه فانحدر إلى قومه. ونادى مناديه فأقبلت الناس يهرعون إليه فأكلوا وتجمعوا. فقال لهم عامر: ألست سيدكم؟ قالوا بلى! قال: وقد أجرتم من أجرت وآمنتم من آمنت وزوجتم من زوجت؟ قالوا: بلى! فقال عامر: هذا قسي بن منبه، فزوجوه في الحال ابنته فولدت لثقيف عوف ودارس وسلامة، ثم تزوج بأختها بعدها فولدت له قاسم. وأقام بالطائف وغرس تلك القضبان من الكروم فنبتت وأطعمت. وبنى المكان فسمي الطائف لأنه طاف البلاد وسكن بها. وقيل ما سمي ثقيفًا لأن أباه ما ثقف حتى ثقف عامرًا حين آمنه وزوجه، وثقف الكرم حين غرسه فسمي ثقيفًا. حدثنا محمد بن أبي عمرو قال: حدثنا شعبان بن جريح عن مجاهد في قوله ﷿: لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، قبل القريتين مكة والطائف، فأما الرجل فقيل هو عيبة بن ربيعة وكان ريحانة قريش يومئذ وقالوا بل هو مسعود بن معتب.
ذكر حصن الهجوم
1 / 7