168

* في العهد العباسي الثاني

** تمهيد :

رأينا في فصل سابق ان عهد الخليفة الواثق سنة 227 كان نقطة تحول انتقل فيها تاريخ العباسيين من عصره الذهبي الى عصر الانقسام والفتن ، والمطلع على حقائق التاريخ يعلم ان اعتماد المعتصم قبل الواثق على اخواله من الاتراك واسناد المناصب العالية اليهم طبع الدولة من جديد بطابع الاتراك ومهد لاصحاب الطموح منهم سبيلهم الى السيطرة فلما تولى الامر الواثق سنة 227 كان نفوذهم قد شمل الدولة وبدءوا ينصبون من شاءوا من الخلفاء ويعزلون من شاءوا (1).

وظل الامر على ذلك مدة المنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي والمعتمد والمعتضد والمكتفي والمقتدر. بل تطورت الحوادث بمرور الايام حتى زادت الفتن في عهد المقتدر ، وتدخل في شؤون الدولة نساء القصر وخدمه (2) وقد وصف البيروني في الاثار الباقية «ص 132» الخليفة في عهده عام 440 فقال : انه كان رئيسا للاسلام لا ملكا ، ثم خرج عليه مؤنس الخادم ونادى بسقوطه فبويع القاهر بالله في سنة 320 فما لبث ان ثار الجند وزادت الفوضى (3).

** ولاة مكة في هذا العهد :

في ثنايا هذا الوهن الذي دب في جسم الخلافة ببغداد كانت مكة لا تزال محكومة للعباسيين او ان شئت لاصحاب النفوذ من الاتراك في البلاط العباسي وقد تولى امارتها بعد خلافة الواثق علي بن عيسى بن جعفر العباسي في سنة 232 ثم عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى العباسي

Page 188