156

مكة وأنه مات سنة 126 فخلفه في افتاء الناس عبد الله بن أبي نجيح ، كما يحدثنا أن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج كان علما من أعلام مدرسة مكة وأنه من أول من ألف في الحديث إن لم يكن أولهم وأنه عندما توفي سنة 150 كان قد تلقى عنه جمهور من الفقهاء أشهرهم الأوزاعي وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض ، وأن سفيان بن عيينة كان من أبرزهم ، وقد أخذ عنه الشافعي وأحمد بن حنبل ومحمد بن اسحق ويحي بن أكثم القاضي وغيرهم ، وكان الشافعي رحمه الله يقول لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز ، وأخذ عن الشافعي عبد العزيز الكناني (1) وهو من ألمع رجال الفقه والتفسير.

ولم يقتصر نشاط مكة العلمي على حلقات الدرس فيها ، فقد رحل كثير من فقهائها الى أمصار الاسلام فنشروا علومهم ورووا أحاديثهم علاوة على كونها كانت مفتحة الأبواب لجميع الرواد يقصدونها من سائر الأقطار لينهلوا من علومها ويغترفوا ، وكانت مجامعها في مواسم الحج غاصة بالمسترشدين والمستفتين والمناقشين ، وكانت مجالس المناظرات تعقد في بيوت فقهائها وفي حلقاتهم من المسجد فتجد من غزارتهم العلمية ما يروي غلة السائلين والمناظرين.

وكان التشريع في هذا العهد الذي ندرسه قد تطور شأنه في بعض أمصار الإسلام كالعراق وأخذ يتسع لقياس الفقهاء الا أن أمره في مكة والمدينة ظل على حاله لا يحفل الا بالنص الوارد بالسند المتصل الى المشرع الأعظم صلوات

Page 176