152

وإذا أردنا أن نستعرض الجهود الخاصة بمكة فمن السهل أن نعود الى ما سقناه في الفصل السابق لنجد أن «النفس الزكية» ما كاد يفر من مكة سنة 132 حتى استأنف ظهوره في المدينة عام 145 معلنا ثورته باسم العلويين وقد ساعده التوفيق ثم ما لبث أن خانه فقد انهالت عليه جيوش العباسيين تدك حصونه في طريقها حتى قضت عليه قتيلا في السنة نفسها 145 وفرقت عنه جميع العلويين والمتشيعين.

وقويت يقظة العباسيين بعد الذي حدث فحرصوا على أن لا يولوا امارة مكة الا من أولاد البيت العباسي ليضمنوا غائلة العلويين فيها كما حرصوا على ضم الطائف وجدة الى امارة مكة في كثير من الأوقات ليوسعوا دائرة نفوذ من يختارونه لذلك الى حدود البلاد التي كانت مظنة اشتباه عندهم.

إلا أن هذا لم يفت في عضد العلويين في مكة لأننا لا نفتأ أن نواجه في عام 169 ثورة ثانية ثم في عام 199 ثورة ثالثة ، غير أن هذه الجهود جميعا ضاعت هباء وراح أصحابها ضحية أهدافهم في الحياة.

وثار للمرة الرابعة علوي جديد في اليمن في عام 202 هو ابراهيم بن موسى الكاظم ومضى في جيشه الى مكة فاستقل بها في عهد المأمون بالرغم من أن المأمون كان من أكثر الخلفاء عطفا على أماني العلويين (1) ثم باء بالهزيمة التي باء بها أسلافه من قبله.

وهكذا ظلت مكة طوال أكثر هذا العهد الذي نؤرخه نهب الثورات التي شنها التنافس بين أصحاب السلطان من العباسيين وخصومهم فيها من العلويين.

Page 172