145

فلما اجتمع الناس خطب فيهم وأبان لهم غاية الأمين من نكث العهد فوافقوه على خلعه فقال : اشهدوا بأني خلعته فبايعوني للمأمون فبايعوه فلما علم المأمون بذلك سر سرورا كثيرا ولما انتصرت جيوشه على الامين أقره على مكة والمدينة فظل فيها الى أواخر سنة 199 (1).

** ثورة العلويين الثالثة بقيادة الأفطس :

لم تكن مكة مصدر هذه الثورة ولكنها ما لبثت ان استقلت بأمرها فقد خرج السري بن منصور الشيباني على المأمون في العراق يدعو الى العلويين وما كاد يغلب العباسيين على بعض بلاد العراق حتى ارسل الى مكة ببعض جيشه في عام 199 تحت قيادة الحسين بن الحسن (2) بن علي بن ابي طالب وهو معروف بالأفطس وما كاد الحسين ينتهي الى قريب من مكة ويعسكر في النوارية (3) حتى أخلاها عاهل مكة للعباسيين داود بن عيسى وقال اني لا أستحل القتال في مكة فدخلها الحسين الأفطس مساء يوم التروية ثم ما لبث أن دفع الى عرفة فوقف بها ليلا وكان بعض الحجاج وقد وقفوا بها نهارا بغير امام أو خطيب ثم ازدلف الأفطس الى مزدلفة فصلى بالناس الصبح ثم مضى الى منى فمكة فأقام بها ثم مضى الى جدة فاحتلها وسطا على أموال الأهلين فيها ولما أهل المحرم سنة 200 كسى الكعبة كسرين من قز رقيق احداهما صفراء والأخرى بيضاء بعد أن عمد الى خزانة الكعبة فجردها مما فيها من الأموال (4) وقسمها في جيشه ، ولعله رأى أن الكعبة لا حاجة لها في أموال مجمدة تفتقر اليها الجيوش المحاربة في سبيل الاسلام في رأيه.

Page 165