============================================================
ذكر موى عليه الشلام تغيب بين الناس كأنه يخاف عدؤا أو سبعا وإن سار ناحية منهم قالوا: إنه لخلق السوء لا يخالط الناس فلم يكن موسى يدري كيف يمشي معهم ويتاذى بتعنتهم له، ويقال: من آذائهم له آن نسبوه ورموه بقتل هارون.
باب في ذكر وفاة هارون عليه السلام(1) وتوفي هارون قبل موسى بثلاث سنين فيما ذكره أهل الأخبار، وكان من حديث وفاته فيما قال وهب إن الله تعالى كان آلبس هارون قميصا وقال له: إنه لا يقدر ملك الموت على نزع روحه ما دام القميص عليه فكان هارون لا يخلعه قط ينام ويقوم ويغتسل وهو عليه، ولما أراد الله تعالى قبضه أوحى إلى موسى أن اخرج إلى موضع كذا، واحمل معك هارون فإني أريد قبضه فلا تخبره، فلما أراد الخروج قال هارون إلى أين يا نبي الله؟ قال موسى: أريد الخروج إلى مناجاة ربي إلى مكان وعدني فيه فهل ترغب في الخروج معي، وكان موسى قبل ذلك إذا خرج لمناجاة ربه استخلف هارون في قومه وكان هارون يحب الخروج معه فخرجا جميعا وذلك في يوم قائظ شديد الحر فأذلهما الحر، وفي بعض الروايات أنه خرج معهما ابن لهارون فبينما هما كذلك إذ رفع لهما قصر وبستان وعين ماء جار قأتياها فإذا في القصر سرير من ذهب مزمول بالدر والياقوت فقال موسى لهارون يا أخي انزع قميصك فاغتسل في هذه العين فقد أصابك الحر واعدل إلى هذا السرير فنم عليه حتى تستريح فقال هارون يا آخي آنت أحق بهذا السرير مني، قال موسى لهارون: يا أخي، بل آنت أحق فإنك أكبر مني سنا وعزم عليه موسى حتى نزع قميصه واغتسل فنام على السرير وعليه إزار فقال لموسى: يا أخي أخاف أن الموت يأتيني فيقبض روحي فقد نزعت قميصي فقال موسى نرجو أن لا يكون إلا ما يحب الله والله قادر على قبض روحي وروحك متى شاء وفي نفس موسى ما فيها من الجزع بموت هارون وما أخبره الله تعالى من ذلك فنام هارون وخرج موسى فجاء ملك الموت وقبض روح هارون، فدخل موسى عليه يقبله وجزع جزغا شديذا وبكى بكاء طويلا فناداه الله تعالى يعزيه وقال له يا موسى، لا ينبغي أن تحزن لفقد شيء معي، ولا تستأنس غيري ولا يشتذ ركنك إلا بي فكيف تحزن على شيء وأنت تسمع كلامي وتناجيني فليكن يا موسى أنسك بي وتوكلك علي فقال موسى كذلك أفعل يا رب قال: فخرج موسى وترك هارون ورجع إلى قومه قالت بنو إسرائيل له ما فعل هارون قال قبضه الله تعالى إليه، فقالوا: بل آنت قتلته لما تعلم حينا له وميلنا إليه فحسدته، فدعا موسى ريه فقال له: (1) انظر تفاصيل وفاة هارون (عليه السلام) في: ابن كثير - البداية والنهاية 45/1.
Page 213