214

============================================================

ذكر موسى عليه السلام اخرج بهم إلى موضع كذا وكذا لأريهم صدقك فخرج بهم موسى إلى ذلك الموضع، فأظهر الله تعالى لهم سرير هارون الذي قبض عليه وهو جالس على السرير يشير بيده إلى بني إسرائيل وقال لهم: إن الله تعالى قبضني إليه وأكرمني بما ترون وأنا منطلق إليه، وأقرأ عليكم السلام فلا تؤذوا آخي ثم توارى عنهم وبقي موسى ثلاث سنين حتى بلغ تمام عمر هارون فإنه كان آكبر من موسى بثلاث سنين، وكان عمرهما مائة وسبع عشرة سنة وماتا جميعا في التيه وجعل بنو إسرائيل يجتمعون له مرة ويفترقون عنه آخرى ويتفتنونه في الأمور فكان مما تفتنوه أن يسألوه أن يسأل ربه أن يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثابها وفرمها} [البقرة: الآية 11] الآية، وذلك أنهم قالوا يا موسى قد نفرت طباعنا من أكل الطير وأحرق بطوننا المن بحلاوته فأدع لنا رتك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثآبها وفومها وعدسها ويصلها} [البقرة: الآية 61]، قال موسى: أتنتدلت الذى هو أدف} (البقرة: الآية 61] وأراد بالذي هو خير} [البقرة: الآية 61] وأشرف فإن كنتم لا بد تشتهون ذلك فلست بفلان لكن آفبطوا مضرا [البقرة: الآية 61] من هذه الأمصار التي أمركم الله تعالى بدخولها فإن لكم هنالك ما سألتم وقال موسى لربه أن لا يميته حتى يجتمع لبني إسرائيل إلفتهم فاستجاب الله تعالى دعاءه فجمع إلفتهم حتى كانوا أجمع ما هم قط وأكثرهم عددا وأحسنهم حالا ومات اكثر من خرج من مصر في التيه قال بعض أهل الأخبار فلم يبق إلا موسى ويوشع بن نون وكالوب بن يوفنا وأوحى الله تعالى إلى موسى آنه قابضه ومستخلف على قومه يوشع بن نون وجاعله نبيا فأمره أن يأتي به مع تنفسه إلى الجبل فذهب موسى ومعه يوشع بن نون فارتقى موسى الجبل وقام مقامه الذي يقوم بين يدي الله تعالى ويوشع غير بعيد منه فكان الله تعالى يعهد إلى موسى بما يريد آن يوحى به إلى يوشع وموسى يخبر به يوشع، ثم انصرف موسى واستخلف على قومه يوشع وأخبرهم آته نبي الله تعالى بعده وروي عن كعب الأحبار أن من كرامة موسى على ربه آنه لما كثر عليه مسائل بني اسرائيل واشتد عليه مؤنتهم وكان يضجر موسى لذلك فلذلك أوحى الله تعالى في يوم الأحد إلى ألف نبي ليكونوا أعوانا لموسى على تحمل إعياء بني إسرائيل فمال إلى كل نبي منهم طائفة من بني إسرائيل وقلت زحمة الناس عن محلة موسى قال (فوحم)(1) موسى لذلك وشق عليه تفرق الناس عنه فقبض الله تعالى أولئك الأنبياء كلهم في ليلة واحدة لثلا يشق ذلك على موسى وذلك لكرامته (1) وحم: حزن: هكذا جاء معناها في حاشية المخطوط ورقة (321). والصواب وخم: أي ثقل: هذا الأمر وخيم العاقبة أي ثقيل، ابن منظور - لسان العرب 895/3 (باب وخم). وما جاء في الأصل وتريف.

Page 214