قدم يحيى (ع) بأصحابه مع الفضل بن يحيى إلى بغداد واستقبله هارون الرشيد وأكرمه وأقام مدة في بغداد، ثم استأذن هارون الرشيد أن يذهب إلى المدينة فأذن له وأقام (ع) بالمدينة فتضايق من إقامته عبدالله بن مصعب الربيري، وأبو البختري ومعهم مجموعة، ففكروا في طريقة للخلاص من الإمام يحيى بن عبدالله (ع) فسعوا به إلى الرشيد وكتب مصعب إليه: (( إنا كنا نظن أن ليس في الإسلام إلا خليفة واحد، ثم الآن قد صار عندنا خليفة )).
وعندما وصل كتاب مصعب إلى الرشيد. صادف هوى في نفسه، فطلب يحيى (ع) وأمره بالمثول بين يديه، وعندما وصل يحيى(ع) إلى هارون حبسه في سرداب عند خادمه مسرور.
يحيى (ع) في السجن
لقي (ع) من العناء الكثير داخل سجنه ولكنه اتخذ من سجنه مسجدا للعبادة والخشوع. فكان يسجد بعد صلاة العشاء ولا يقوم من تلك السجدة إلا وقت الفجر.
وكان هارون يصعد بعض الليالي إلى سطح قصره ليشاهد النور المنبعث من سجن يحيى(ع) وفي ليلة من الليالي دعا الرشيد (يحيى بن خالد البرمكي) وصعدا إلى سطح القصر فقال هارون ليحيى: (( انظر هل ترى هناك شيئا في ذلك الدار؟ )) فذهب يحيى ليرى وعاد فقال هارون: (( ماذا رأيت؟ )) قال يحيى: ((رأيت بياضا )) فسكت هارون وأمر يحيى بالجلوس فجلسا يتحدثان إلى طلوع الفجر فلما كان عند الطلوع قال هارون: (( اذهب إلى ذلك المكان وانظر هل ترى شيئا )) ؟ فذهب يحي وعاد وقال: (( لست أراه )) فقال هارون: (( ذلك يحيى بن عبدالله إذا فرغ من صلاة العتمة سجد فلا يزال ساجدا حتى يقوم لصلاة الغداة (1) .
Page 107