243

Al-tarbiya fī al-Islām: Al-taʿlīm fī raʾy al-Qābisī

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Genres

62

غليظ الخلق، لا يريعه وقوع عشر ضربات عليه، ويرى للزيادة عليه مكانا، وفيه محتمل مأمون، فلا بأس - إن شاء الله - من الزيادة على العشر ضربات، والله يعلم المفسد من المصلح. وإنما هي أعراض المسلمين وأبشارهم فلا يتهاون بنيلها بغير الحق الواجب؛ وليل أدبهم بنفسه، فقد أحب سحنون ألا يولي أحدا من الصبيان الضرب. قال أبو الحسن: ونعم ما أحب سحنون من ذلك، من قبل أن الصبيان تجري بينهم الحمية والمنازعة، فقد [56-ب] يتجاوز الصبي المطيق فيما يؤلم المضروب، فإن أمن المعلم التقي من ذلك، وعلم أن المتولي للضرب لا يتجاوز فيه، وسعه ذلك إن كان له عذر في تخلفه عن ولاية ذلك بنفسه. وليجتنب أن يضرب رأس الصبي أو وجهه، فإن سحنون قال فيه: لا يجوز أن يضربه فيهما، وضرر الضرب فيهما بين، قد يوهن الدماغ، أو تطرف العين أو يؤثر أثرا قبيحا، فليجتنبا. فالضرب في الرجلين آمن، وأحمل للألم في سلامة.

ومن رفقه بالصبيان أن الصبي إذا أرسل وراءه ليتغدى فيأذن له ولا يمنعه من طعامه وشرابه، ويأخذ عليه في سرعة الرجوع إذا فرغ من طعامه.

ومن حقهم عليه أن يعدل بينهم في التعليم، ولا يفضل بعضهم على بعض، وإن تفاضلوا في الجعل، وإن كان بعضهم يكرمه بالهدايا والأرفاق، إلا أن [57-أ] يفضل من أحب تفضيله في ساعة راحاته، بعد تفرغه من العدل بينهم. وذلك من قبل أن القليل الجعل إنما رضي أن يؤدي أداءه ذلك على إتمام تعليم ولده، كما شرط الرفيع الجعل. إلا أن يبين المعلم لآباء الصبيان أنه يفاضل بينهم على قدر ما يصل إليه من العطاء من كل واحد منهم، فيرضوا له بذلك، فيجوز له، وعليه أن يفي بما التزم من قدر ذلك.

ومن صلاحهم، ومن حسن النظر لهم، ألا يخلط بين الذكران والإناث، وقد قال سحنون: أكره للمعلم أن يعلم الجواري، ويخلطهن مع الغلمان، لأن ذلك فساد لهن.

قال أبو الحسن: وإنه لينبغي للمعلم أن يحترس الصبيان بعضهم من بعض إذا كان فيهم من يخشى فساده، يناهز الاحتلام، أو يكون له جرأة.

وعليه كما قال سحنون: أن يتفقدهم بالتعليم [57-ب] والعرض، ويجعل لعرض القرآن وقتا معلوما، مثل عشية الأربعاء يوم الخميس. قال: فينبغي له أن يجعل لهم وقتا من النهار يعلمهم فيه الكتاب، ويجعلهم يتخايرون؛

63

لأن ذلك مما يصلحهم، ويخرجهم ويبيح لهم أدب بعضهم بعضا، ولا يجاوز ثلاثا. ويجعل الكتاب، يعني في كل يوم من الضحى إلى وقت الانقلاب.

ويأخذ عليهم ألا يؤذي بعضهم بعضا، فإن شكا بعضهم أذى بعض، فقد سئل سحنون عن المعلم يأخذ الصبيان بقول بعضهم على بعض في الأذى. قال: ما أرى هذا من ناحية الحكم، وإنما على المعلم أن يؤدبهم إذا آذى بعضهم بعضا. وذلك عندي إذا استفاض على الإيذاء من الجماعة منهم، أو كان الاعتراف، إلا أن يكونوا صبيانا قد عرفهم بالصدق فيقبل قولهم، ويعاقب على ذلك، ولا يجوز

Unknown page