Taqyid Cilm
تقييد العلم للخطيب البغدادي
Publisher
إحياء السنة النبوية
Publisher Location
بيروت
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ، أَنْشَدَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُلْدِيُّ (مِنَ الْكَامِلِ):
[البحر الكامل]
نِعْمَ النَّدِيمُ إِذَا خَلَوتَ كِتَابٌ ... إِنْ خَانَكَ النُّدَمَاءُ وَالْأَصْحَابُ
فَأَبِحْهُ سِرَّكَ قَدْ أَمِنْتَ لِسَانَهُ ... أَوْ أَنْ يَغِيبَكَ عِنْدَهُ مُغْتَابُ
وَإِذَا هَفَوتَ أَمِنْتَ غَرْبَ لِسَانِهِ ... إِنَّ الْعِتَابَ مِنَ النَّدِيمِ عَذَابُ
قُلْتُ وَمَعَ مَا فِي الْكُتُبِ مِنَ الْمَنَافِعِ الْعَمِيمَةِ وَالْمَفَاخِرِ الْعَظِيمَةِ، فَهِيَ أَكْرَمُ مَالٍ وَأَنْفَسُ جَمَالٍ، وَالْكِتَابُ آمَنُ جَلِيسٍ، وَأَسَرُّ أَنِيسٍ، وَأَسْلَمُ نَدِيمٍ، وَأَفْصَحُ كَلِيمٍ، وَقَدْ وَصَفَهُ أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ الْجَاحِظُ، فِيمَا بَلَغَنَا عَنْهُ فَقَالَ: الْكِتَابُ نِعْمَ الذُّخْرُ وَالْعُقْدَةُ، وَنِعْمَ الْأَنِيسُ سَاعَةَ الْوَحْدَةِ، وَنِعْمَ الْقَرِينُ وَالدَّخِيلُ وَالْوَزِيرُ وَالنَّزِيلُ، قَالَ: وَالْكِتَابُ وِعَاءٌ مُلِئَ عِلْمًا وَظَرْفٌ حُشِيَ طُرَفًا، إِنْ شِئْتَ كَانَ أَبْيَنَ مِنْ سَحْبَانَ وَائِلٍ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ أَعْيَا مِنْ بَاقِلٍ، إِنْ شِئْتَ ضَحِكْتَ مِنْ نَوَادِرِهِ، وَعَجِبْتَ مِنْ غَرَائِبِ فَوَائِدِهِ، وَإِنْ شِئْتَ شَجَتْكَ مَوَاعِظُهُ، وَمَنْ لَكَ بِوَاعِظٍ مُلْهٍ، وَبِزَاجِرٍ مُغْرٍ، وَبِنَاسِكٍ فَاتِكٍ، وَبِنَاطِقٍ أَخْرَسٍ، وَبِشَيْءٍ يَجْمَعُ لَكَ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ، وَالنَّاقِصَ وَالْوَافِرَ، وَالشَّاهِدَ وَالْغَائِبَ، وَالْحَسَنَ وَضِدَّهُ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ جَارًا أَبَرَّ، وَلَا خَلِيطًا أَنْصَفَ، وَلَا رَفِيقًا أَطْوَعَ، وَلَا مُعَلِّمًا أَخْضَعَ، وَلَا صَاحِبًا أَظْهَرَ كِفَايَةً، وَلَا أَقَلَّ
1 / 121