وإذا كان المحققون المحدثون قد تحدثوا عن المقابلة على أنها حجر الزاوية في موضوع التحقيق، وأنها تبدأ أولًا باختيار النسخة التي تصلح للمقابلة، ووضعوا لذلك معايير وشروطًا، وذلك من أجل الوصول إلى الصورة الصحيحة للنص، فإن القدامى كانوا لا يكتفون بالنسخة وحدها مهما بلغت درجة صحتها، حتى تكون مروية بالسند، وقد خصص عياض لهذا بابًا في كتابه: باب في التقييد بالكتاب، والمقابلة، والشكل، والنقط والضبط (١).
ثانيًا: إصلاح الخطأ:
يقول عياض فيما يتعلق بإصلاح الخطأ: الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ نقل الرواية، كما وصلت إليهم وسمعوها، ولا يغيرونها في كتبهم، حتى اطردوا ذلك في كلمات من القرآن، استمرت الرواية في الكتب عليها، بخلاف التلاوة المجمع عليها، ... لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند السماع والقراءة، وفي حواشي الكتب، ويقرؤون ما في الأصول على ما بلغهم. ومنهم من يجسر على الإصلاح. وكان أجرأهم على هذا من المتأخرين القاضي أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوقشي (٢).
وقد أشار عياض إلى مثل هذا التصحيح في كتاب "التنبيهات"، وقد بقي الخطأ على حاله في طبعة دار الفكر، بينما أصلح في طبعة دار صادر.
قال: وقوله: يقول الله تعالى: ﴿وأكلهم الربا وقد نهوا عنه﴾ (٣). كذا وقع في بعض النسخ. وهو مما غيرته الرواة من القرآن غفلة مروا عليه. والتلاوة ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾ (٤).
_________
(١) الإلماع: ص: ١٤٦.
(٢) الإلماع: ص: ١٨٥، ١٨٦.
(٣) ثبت هذا النص هكذا في نسخة دار الفكر: ٤/ ١٢٨، وجاء مصححًا في دار صادر. ٥/ ٢٤٩.
(٤) سورة النساء: من الآية: ١٦١.
مقدمة / 60