٦ - " التنبيهات" المستنبطة على الكتب "المدونة":
هو آخر الكتب التي نذكرها مما عده ابنه في المؤلفات التي أكملها وقرئت عليه (١). وحقًا فإن المؤلف أحال عليه في أهم كتابين له وهما: "الإكمال" كما سبق الذكر، و"المشارق" في جزءيه (٢). وفي المقابل أحال في مقدمته - كما سبق - على "المدارك" إحالة للتوسع في الموضوع المحال به، وهذا يعني أنه قد فرغ من ذلك الموضوع، إلا أن يكون وضع مقدمة "التنبيهات" بعد أن فرغ من "المدارك".
وهذا يعني أن كتاب "التنبيهات" ألف قبل "المشارق"، بل قبل "الإكمال" الذي يترجح أن المؤلف لم يبدأ في وضعه إلا بعد سنة ٥٣٢ هـ، وجزْم محمَّد بن عياض أن الكتاب قرئ على مؤلفه يصعب رده، لا سيما وقد روي الكتاب عن المؤلف ببعض الأسانيد (٣)، إلا أن نص "التنبيهات" في النسخ الواصلة إلينا - ولا سيما النسخة المعارضة بأصل المؤلف - فيها بياضات وأخطاء وخلط منسوب لأصل المؤلف في مواضع غير يسيرة. وكتب كتاب "الصيام" وكتاب "الحج" في هذه النسخة بخط محمَّد بن عياض. وفي نسخة أخرى صحيحة ملاحظة أول كتاب الحج لمحمد بن عياض هذا يقول فيها: إن والده لما وضع الكتاب لم يتكلم على كتب الحج إلى أن فرغ منها وانتسخها بعض الطلبة، ثم تكلم بعد ذلك على كتب الحج، ودفع مبيضتها إلى بعض طلبته لينتسخها، فضاعت له ... فأشغلت الشيخ رحمة الله عليه فتن الزمان إلى أن أعجلته المنية ...
فهذه الطرة تعني أن الكتاب أجيز من قبل المؤلف، وأن كتاب "الحج" تأخر تأليفه، وأن جزءًا كبيرًا منه قد ضاع، وأن تأليفه وضياعه ربما كان أواخر عمر المؤلف وبعد توليه قضاء سبتة ثانية سنة ٥٣٩ هـ، وتلاطم فتن الزمان والحروب التي قامت بين المرابطين والموحدين ووقوف سبتة في
_________
(١) التعريف، ص: ١١٦.
(٢) المشارق: ١/ ٣٧١، ٢/ ١٠٧.
(٣) انظر: سند الحطاب في مقدمة مواهب الجليل: ١/ ٩.
مقدمة / 53