ولئن غدوتُ من العلوم بموضع ... تؤمي إليه أصابع وعيون
فلديَّ للآداب نفس صبَّة ... فيها إلى مُلح الظروف ركون
كنا افترقنا عند دعوى خطَّة ... ساءت فيها - فيما فهمت - ظنون
فأتيت بالبرهان فيها نيِّرًا ... وعدَتْ عوادٍ بعد ذا وشؤون
وبعثت حينئذ ليُعلم أنني ... عين الزمان وسره المكنون
وعندما نبحث عن مبتدأ هذا التفوق وأصله، نجد القاضي عياضًا - وهو في أيام طلبه وبعدها - أخذ عن شيوخ مشهود لهم بالكفاءة واليد الطولى في الأدب واللغة والنحو، من أظهرهم:
١) الحسن بن علي بن طريف التاهرتي النحوي أبو علي: المتوفى ٥٠١ هـ، قال المؤلف في حقه: "شيخ بلدنا في النحو، درس عمره النحو ببلدنا، وأخذ عنه جماعة من شيوخنا وجماعة من أصحابنا، درست عليه كثيرًا من كتب الأدب" (١).
٢) عبد المجيد بن عبدون الفهري اليابري، الوزير الكاتب، أبو محمَّد: المتوفى ٥٢٧ هـ، قال عنه المؤلف: "بقية مشايخ الكتاب الأدباء العلماء، وأحد الأفراد من فحول الشعراء، المقدمين عند الملوك والرؤساء، سمع عمه وعاصمًا النحوي وأبا مروان بن سراج وابنه ... قرأ الناس عليه كثيرًا، وحملوا عنه كتب الغريب والآداب وغير ذلك ... لقيته بسبتة في انصرافه (من مراكش إلى الأندلس بلده)، فأقسم لي أنه ما قصد سبتة إلا للقائي والاجتماع بي، وساءلني عن أشياء في نفسه، وذاكرته في شيء، وسمعت عليه كثيرًا من كتابه في نصرة أبي عبيد في الشرح أو جميعَه، وأجازني جميع روايته" (٢).
٣) عبد الله بن محمَّد بن السِّيد البَطَلْيوسي النحوي أبو محمَّد: المتوفى
_________
(١) الغنية: ١٤١.
(٢) الغنية: ١٧١.
مقدمة / 34