الكبير" للدارقطني (١). كما انتهت إليه أصول الباجي لمؤلفاته: "التجريح والتعديل" و"أحكام الفصول" وكتاب "التسديد" (٢)، وغيرها من أصول علوم أخرى ذكرها في الغنية.
ثانيًا: القاضي عياض الفقيه:
لم يخالف أحد أن القاضي عياضًا فقيه، إن لم يكن الفقه على رأس علومه، فلولا أنه فقيه متميز ما أجلسه أهل بلده لتدريس "المدونة" وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، ثم ما أُجلس بعد ذلك بيسير للشورى، ثم لولاه ما قُلد القضاء بعد ذلك وهو ابن تسع وثلاثين سنة (٣). قال عنه ابنه: "كان فقيهًا حافظًا لمسائل المختصر والمدونة، قائمًا عليها، حاذقًا بتخريج الحديث (كذا) من مفهومها، عاقدًا للشروط، بصيرًا بالفتيا والأحكام والنوازل" (٤).
وعلى مستوى أعلى من الفقه يشهد أبو القاسم الملاحي في "تاريخ البيرة" أنه "حمل راية الرأي، ورأس في الأصول ... وأشرف على مذاهب الفقهاء" (٥).
ومن العوامل المساعدة على تكوينه وبروزه في الفقه عدد من شيوخ عصره اللامعين ممن أخذ عنهم، منهم:
١) - أبو عبد الله بن عيسى: أجلّ شيوخ سبتة ومقدم فقهائهم (٦)، وهو أحد أهم شيوخه في "المدونة"، ممن له منهج خاص في تدريسها، تابعه عليه كثير من طلبته السبتيين.
٢) - القاضي أبو عبد الله بن حمدين القرطبي: المتوفى سنة ٥٠٨ هـ،
_________
(١) الغنية: ١٣٥.
(٢) الغنية: ١٨٤.
(٣) التعريف: ١٠.
(٤) نفسه: ٤.
(٥) طبقات المالكية: ٣١٢.
(٦) الغنية: ٢٧.
مقدمة / 28