ببغداد، لأن المريسية تهب بمصر في كانون الأول وهو كيهك بالقبطية والبوارح بالعراق تهب في حزيران والجنوب ببغداد تهب من أسفل دجلة مما يلي بلاد واسط والبصرة فتثور دجلة وتكثر الغيوم والأمطار والبوارح تدوم أربعين يوما والمريسية أربعين والهرمان العظيمان اللذان في الجانب الغربي من فسطاط مصر، وهما من عجائب بنيان العالم، كل واحد منهما أربعمائة ذراع في سمك مثل ذلك، مبنيان بالحجر العظيم على الرياح الأربع كل ركن من أركانهما يقابل ريحا منها، فأعظمها فيهما تأثيرا الجنوب وهي المريسي، بتشقيقها الركن المقابل لها منهما، وأحد هذين الهرمين قبر اغاثديمون والآخر قبل هرمس وبينهما نحو من ألف سنة- اغاثديمون المنقدم- وكان سكان مصر وهم الاقباط يعتقدون نبوتهما قبل ظهور النصرانية فيهم، على ما يوجبه رأى الصابئين في النبوات لا على طريق الوحي، بل هم عندهم نفوس طاهرة صفت وتهذبت من أدناس هذا العالم فاتحدت بهم مواد علوية فأخبروا عن الكائنات قبل كونها وعن سرائر العالم وغير ذلك مما يطول وصفه ولا تحتمل كثير من النفوس شرحه، وفي العرب من اليمانية من يرى انهما قبر شداد بن عاد وغيره من ملوكهم السالفة الذين غلبوا على بلاد مصر في قديم الدهر، وهم العرب العاربة من العماليق وغيرهم وقد أتينا في كتاب (فنون المعارف وما جرى في الدهور السوالف) على اخبار سائر اهرام مصر، وهي عند من ذكرنا من الصابئين قبور أجساد طاهرة وأخبار البرابي التي بسائر بلاد مصر وهي بيوت عبادتهم الكواكب السبعة النيرين والخمسة وغيرها من الجواهر العقلية والأجسام السمائية التي هي وسائط بين العلة الاولى وبين الخلق وغير ذلك من أخبار مصر وعجائبها وما خصت به من الفضائل التي لا يشرك أهلها فيها غيرهم من أهل البلدان، وهي محدودة على تخوم إفريقية
1 / 18