96

============================================================

الشهيد شح معالم العدل والنوحيل أما أولا فلما قدمنا من أن النور عرض والظلمة عدم النور عما كان من شأنه أن يكون مستنيرا، وامتزاج العرض بعدم نفسه غير معقول.

وأما ثانيا فهب أنا سلمنا أن امتزاج النور والظلمة معقول في الجملة لكن لا يمكن أن تكون هذه الأجسام مركبة منهما. فإنا نرى الأجسام الكثيفة إذا لم تقابلها الأجسام المستنيرة كالشمس والقمر وسائر الكواكب فإنها تكون مظلمة جدا. ولو كانت مركبة من النور والظلمة لكان ما فيها من أجزاء النور مستنيرة، فلما لم يكن ذلك بطل ما قالوه.

ثم هاهنا إلزامات على قولهم إن العالم متزج من النور والظلمة ومتكون منهما مع قولهم بحدوث هذا الامتزاج وأن النور لا يفعل إلا الخير والظلمة لا تفعل إلا الشر. وهي أربعة: الأول وهو أن امتزاجهما إما أن يكون خيرا أو شرا، فإن كان خيرا فالنور كان تاركا له في الأزل، فإن تركه اختيارا فترك الخير شر، فيكون النور شريرا، وإن تركه عجزا فالعجز نقص فيكون النور ناقصا وهو شر، وإما أن يكون الامتزاج شرا فترك النور دفع ذلك الشر إن كان اختيارا، فترك دفع الشر شر، فيكون النور شريرا. وإن كان عجزا فالعجز نقص فيكون النور ناقصا.

الثاني من قال أنا ظلمة فقائل هذا القول إن كان ظلمة كانت الظلمة صادقة، فتكون فاعلة للحسن، وإن كان النور كان كاذبا فيكون فاعلا للقبيح.

الثالث لو كان هاهنا رجلان دفعا إلى ظلمة شديدة ضاع لأحدهما بدرة واستتر الآخر عن العدو فإن هذه الظلمة محسنة إلى من استتر عن عدوه ومسيئة إلى من ضاعت منه بدرته، وهكذا الشمس إذا طلعت فإنها محسنة إلى من ضاعت منه البدرة ومسيئة إلى من استتر عن عدوه.

Page 96