============================================================
السهيد شح معالم العدل والنوحيل الخامس اتفقت الثنوية على أن تكوين العالم وتركيبه من امتزاج النور والظلمة.
واحتجوا على كون العالم متكونا من النور والظلمة بأن قالوا: إنا وجدنا أجسام العالم على ضربين: أحدهما ذو ظل يستر غيره من أن يقع عليه النور وينفي عنه النور المشرق.
والثاني لا ظل له كالأجسام المنيرة المشرقة كالشمس وسائر الأنوار. فعلمنا أن العالم نور وظلمة وأنهما ممتزجان وأنهما ضدان متنافيان ينفي أحدهما الآخر وأن ما كان له ظل هو من جس الظلام وماليس بذي ظل فهو من جنس النور، فلهذا كان العالم ممتزجا منهما.
السادس: في سبب حدوث هذا الامتزاج: أما المرقيونية فزعموا أن امتزاج هذين الأصلين إنما كان لشيء ثالث وهو المعلول المتوسط.
وأما الديصانية والمانوية فقد أنكروا هذا المتوسط، وزعموا أن سبب الامتزاج من جهة أنفسهما من دون أمر آخر كما حكيناه عنهم في أول الباب.
فهذا مجموع ما اعتقدوه للنور والظلمة من الخصائص وبنوا عليها خرافاتهم.
المقام الثالث في بطلان هذه الخصائص وإفسادها.
أما ما ذكروه أولا من أن المرجع بالنور والظلمة إلى أنفس الأجسام وأنها قديمة وأنهما قديمان فقد دللنا فيما مر على أن استنارة الأجسام ليس نفس كونها أجسام، فلا فائدة في اعادته، وأقمنا الدلالة أيضا على حدوث الأجسام، فإن كان الحق ما قالوه من كون النور جسما لزم القول بحدوثه، وإن كان الحق ما ذهبنا إليه من كون النور عرضا لزم أيضا من حدوث الجسم حدوث النور؛ لاستحالة سبق الحال على محله.
Page 91