============================================================
الشهييد شح معالم العدل والتوحيل وأما الالزامات فاعلم أنه يلزمهم على مذهبهم أمور تناقض أصولهم وهي خمسة: الأول أن الكثرة الحاصلة في العقل الأول التي جعلتموها مبدأ لصدور العقل والفلك عنه معا إما أن تكون كثرة في الماهية أو في أمور خارجة، فإن كان الأول فتلك الأجزاء الذاتية مستندة إلى البارئ تعالى بلا واسطة، وحينئذ يبطل قولكم إن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد. وإن كانت الكثرة لأمور خارجة فتلك الأمور الخارجة إما أن تصلح لأن تكون مبادئ المعلولات الكثيرة أو لا تصلح، فإن كانت صالحة فالبارى تعالى له لوازم سلبية وأحكام لذاته إضافية، فيلزمكم إسناد المعلولات الكثيرة إلى ذاته بحسب ما وجب لها من السلوب والإضافات. وإن لم تكن صالحة وجب ألا يصدر عن العقل الأول لأجل كثرة عوارضه من الإمكان والوجوب أكثر من معلول واحد، وهذا يناقض ما قلتم.
الثاني أليس قد زعمتم أن للفلك الأقصى وهو أول الأفلاك وجودا مضافا إلى إمكان العقل الأول، وقد تقرر من مذهبكم أن الفلك ليست حقيقته مفردة، وإنما هو مركب من جموع أمور فإن فيه هيولي وصورة وله مقدار مخصوص وشكل مقدر، فهذه الأمور الكثيرة لو استندت إلى الإمكان كما زعمتم لكان قد صدر عن الواحد أكثر من واحد، وهذا يبطل مذهبكم وينقض القاعدة.
الثالث زعموا أن العقل الفعال بسيط لا تركيب فيه، وعندهم أنه مبدأ لجميع الحوادث في هذا العالم لأنه مضاف إليه، وهذا يبطل قولهم إن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد.
الرابع إن صح ما ذكرتوه من أنه يصدر عن وجوب العقل الأول عقل وعن إمكانه فلك فيلزم أن يصدر عن كل عقل عقل وفلك إلى غير غاية، وعند هذا يبطل ما أجمعوا عليه من عشرية العقول وحصر عدد الأفلاك في تسعة.
Page 79