============================================================
الشهيد شح معالم العدل والنوحيل الفصل الأول في الرد على الفلاسفة.
اعلم أن مقالتهم في كيفية صدور الأشياء عن المبدأ الأول هي زبدة أقاويلهم في الالهيات، وخلاصتها وهي الغرض الأعظم بعد معرفة صفات الحق سبحانه عندهم، وهم لما طعنوا في كون القديم تعالى مؤثرا بالاختيار، واعتقدوه موجبا بالذات ثم منعوا أن تكون ذاته مركبة من وجه ما؛ لأن التركيب دلالة الكثرة، والكثرة دلالة الإمكان. ثم قالوا: إنه تعالى لا يصدر عنه إلا واحد وهو عقل، ثم الصادر الأول عنه له إمكان من جهة ذاته اا ووجوب من جهة غيره فإذا انضم ما له من ذاته إلى ما له من غيره حصل هناك كثرة تصلح أن تكون مبدأ لصدور الكثرة عن الصادر الأول، ثم الذي له من ذاته إمكان والذي له من جهة غيره وجوب، وأشرف الجهات يجب أن تكون مبدأ لأشرف المعلومات، فلا جرم جعلنا وجود العقل الأول علة لوجود عقل ثان، وجعلنا إمكانه علة لوجود الفلك الأقصى، ثم حصل من العقل الثاني عقل ثالث وفلك البروج، ومن العقل الثالث عقل ال رابع وفلك زحل، ومن العقل الرابع عقل خامس وفلك المشترى، ومن العقل الخامس عقل سادس وفلك المريخ، ومن العقل السادس عقل سابع وفلك الشمس، ومن العقل السابع عقل ثامن وفلك الزهرة ومن العقل الثامن عقل تاسع وفلك عطارد، ومن العقل التاسع عقل عاشر وفلك القمر، وعند ذلك قد استوفت السماويات وجودها، وحصلت الموجودات الشريفة في انتهاء عددها سوى البارى تعالى تسعة عشر، عشرة عقول وتسعة أفلاك فهذه زبدة أقاويلهم في كيفية صدور الأشياء عن البارى تعالى، فإذن أكثر ما يعتمدون في تقرير مذاهبهم هذان الاعتلالان(1).
أحدهما أنه تعالى موجب بالذات. والثاني أنه تعالى لا يصدر عنه إلا واحد.
1 - في الاصل: الاعتلال.
Page 77