============================================================
الشهيد شح معالم العدل والنوحيل وأما ما ذكروه ثالثا فإن الذي يختلف بحسب اختلاف الأشخاص إنما هو الأمور الإضافية، فأما حدوث العالم وقدمه وإثبات الصانع وسائر الحقاثق فهي أمور حقيقية، فيستحيل اختلافها.
فأما الصفراوي فإنما وجد السكر مرا لما كان في فيه مرارة، فلما خالطها السكر تغير طعمه بسببها، وبالجملة فإن ما ذكروه لا يشككنا في العلوم الضرورية القطعية وسائر الحقائق المتيقنة.
القول في جنس النظر وكونه مفيدا للعلم.
أما جنسه فقد اضطربت فيه الآراء، فالذي ذهب إليه أصحاب أبي هاشم أن النظر جس، وأنه مغاير للعلم والاعتقاد والإرادة، وأنه مولد للعلم. وعند الأشعرية أنه تردد في أنحاء العلوم الضرورية، وزعموا آن حصول العلم عقيبها بمجرى العادة من جهة الله تعالى. وذهب الفلاسفة إلى أن النظر أسباب معدة لصيرورة النفس الناطقة مستعدة استعدادا تاما لفيضان العلوم، وزعموا أن حصول تلك العلوم من جهة العقل الفعال.
والذي ذهب إليه الشيخان أبو الهذيل (1) وأبو الحسين(2) أن النظر استحضار العلوم الضرورية، وأنها هي الموجبة له، وهو المختار، ويدل عليه أنا إذا جربنا أنفسنا لم نجد للفكر ا- محمد بن محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدى، مولى عبد القيس، أبو الهذيل العلاف (235ه): من أئمة المعتزلة. ولد في البصرة واشتهر بعلم الكلام، ورد على المجوس واليهود والمشبهة والملحدين والسوفسطائية.
قال المأمون: أطل أبو الهذيل على الكلام كاطلال الضمام على الأنام. له مقالات في الاعتزال ومجالس ومناظرات.
وكان حسن الجدل قوي الحجة سريع الخاطر، كف بصره في آخر عمره، وتوفي بسامراء. الزركلي: الأعلام 131/7، كحالة: معجم المؤلفين 12/ 92.
2 محمد بن علي الطيب أبو الحسين البصري (436 ه): أحد أنمة المعتزلة، ولد في البصرة وسكن بغداد وتوني بها. قال الخطيب البغدادي: له تصانيف وشهرة بالذكاء والديانة على بدعته. وهو صاحب"المعتمد في أصول الفقه. الزركلي: الأعلام 275/6، كحالة: معجم المؤلفين 20/11.
Page 46