232

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والتوحبل فأما أن ما لا دليل عليه وجب نفيه؛ فلأن تجويز ذلك يؤدى إلى القدح في العلوم الضرورية والنظرية، وما أدى إلى هذا الفاسد فهو فاسد، فيجب أن يكون القول بالإرادة فاسدا، وهذه الطريقة عليها تعويل أبي الحسين والخوارزمي في أكثر المسائل الكلامية، وقد عرفت ما فيها، فهذه زبدة أدلة الفريقين في جانب النفي والإثبات جميعا، والمختار ما ذهب إليه الشيخ أبو الحسين من أن الإرادة والكراهة في الغائب ليس إلا نفس الداعي والصارف وهو العلم باشتمال الفعل على مصلحة أو مفسدة، وإن الإرادة في الشاهد أمر زائد على الداعي ويدل عليه ما يجده الانسان من نفسه عند خلوص داعيته إلى الفعل من طلبه للفعل وقصده إليه وميل قلبه إلى حصوله، ونجد ذلك الطلب كالتابع للعلم والظن والاعتقاد لحصول النفع في الفعل ودفع الضرر.

والعجب من الشيخ محمود حيث قال: إن الإرادة هي نفس الداعي شاهدا وغائبا. وقد ذهب إلى أن المدركية أمر زائد على العلم وأنها تابعة للحيية، ومقتضى عنها عند كمال شرائطها، وكان غاية كلامه واستدلاله على أنها زائدة على العلم قوله: إني أجد من نفسي أمرا عند الإدراك مغايرا للعلم، وأجد عند إدراك المدرك تفرقة بين أن أعلم الشيء ولا أ دركه وبين أن أعلمه وأدركه. فحكم بأن الإدراك زائد على العلم لما يجده من نفسه من التفرقة بين العلم والإدراك وهذا بعينه حاصل في الداعي مع الإرادة، فإن أحدنا يجد من ن فسه عند علمه أو ظنه بحصول النفع ودفع الضرر أمرا زائدا هو طلبه للفعل وميل قلبه اليه، ويجد تفرقة بين أن يعلم ما في الفعل من النفع ودفع الضرر وبين أن يطلبه ويقصده، فكيف صار أحد الوجدانيين أولى من الآخر، بل لا يمتنع أن يكون الحال في الإرادة أعلى من الإدراك فإن الإدراك لا يمتنع دخول لبس فيه بأن يقال إن الإدراك طريق إلى العلم بالمدرك فلا يمتنع أن يقال إن التفرقة بين الحالتين هو أنا عند الإدراك يحصل لنا العلم بتفاصيل المدرك بخلاف حالنا إذا علمناه من غير إدراك، وليس كذلك الحال في الداعي مع الارادة، فإن الداعي ليس طريقا إلى الإرادة.

Page 232