157

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والنرحيل منافاة بين صفتي الذاتين ولا بين الوجودين بل المنافاة حكم متفرع على الصفة الحاصلة عن صفة الذات بشرط الوجود. لأنا نقول: وهذا أيضا باطل؛ لأنه إذا كان صدور تلك الصفة عن صفة الذات مشرطا بالوجود كان ارتفاع تلك الصفة موقوفا على ارتفاع الوجود، وقد بينا أنه ليس هناك ما يرفع الوجود، فيجب ألا ترتفع الصفة المقتضاة عن صفة الذات.

المسلك الرابع إن القول بالذوات المعدومة يمنع من كون البارى تعالى موجدا للموجودات، وهذا خطأ، وذلك لأن تأثير قدرة القديم إما أن تكون في الذات أو في الوجود، والأول باطل؛ لأن الذوات عندهم ثابتة في الأزل ممتنعة الزوال لأعيانها، وما كان كذلك استحال وقوعها بالفاعل. والثاني أيضا باطل؛ لأن صفة الوجود عندهم من قبيل الأحوال، والأحوال ليست معلومة ولا مقدورة، فيستحيل إسنادها إلى قدرة الله تعالى.

لا يقال: إنا لا نقول إن قدرة الله تعالى تؤثر في الوجود، وإنما نقول: إنها تؤثر في جعل الذات على صفة الوجود. لأنا نقول: المفهوم من قولكم أنه يجعلها على صفة الوجود ليس إلا أحد أمور ثلاثة: أحدها نفس الذات. والثاني الوجود. والثالث اتصاف الذات بصفة الوجود.

فأما الذات بانفرادها والوجود على انفراده فقد بينا أنه لا يمكن إسناد واحد منهما إلى المؤثر. وأما اتصاف الذات بالوجود فليس بأمر زائد على معقول المفردين، وأيضا فالوجود إذا لم يكن واقعا بالفاعل وأثرا له وجب أن يكون ثابتا في حال العدم، وهذا محال.

المسلك الخامس نقول: كون الجوهر ثابتا في نفسه هو نفس وجوده فلو كان ثابتا في الأزل لزم أن يكون موجودا في الأزل، وهذا قول بقدم العالم ظاهر فساده. وإنما قلنا: إن كونه ثابتا في نفسه هو نفس وجوده؛ لأنه لو لم يكن كذلك لكان العلم بوجود الأشياء نظريا لا ضروريا، وهذا دخول في السفسطة. وإنما قلنا: إنه لو لم يكن ثبوته هو نفس وجوده لكان

Page 157