============================================================
الهيد شح معالمر العدل والنوحيل وأما الاجماع فهو أن الرضا بقضاء الله تعالى واجب، فلو كان الكفر من قضاء الله تعالى لوجب الرضا به، ولكن الرضا بالكفر كفر بالإجماع، فعلمنا أن الكفر ليس من فعل الله تعالى فلا يكون من خلقه.
واعلم أن التمسك بالآيات والأحاديث والإجماع في هذه المسألة صحيح من جهة النظر وذلك لأن صحة المسالك السمعية متوقفة على تقرير قواعد الحكمة، والحكمة متوقفة على كونه تعالى عالما وغنيا، فإذا صح هذان الأصلان صح الاستدلال بالسمع في كل موضع؛ لأن أصوله قد تمهدت.
و أما حيث(1) الإلزام فممتنع؛ لأنه ما لم يثبت أن الله تعالى لا يفعل لا يصح الاستدلال بالسمع، فكيف يمكن تصحيح ذلك بالسمع.
ثم إن المجبرة عن آخرهم متفقون على عدم استقلال العبد بالتأثير في فعله، ثم اختلفوا في ذلك، فذهب الأشعري إلى أن الايجاد بقدرة الله تعالى وأن معنى كون العبد مؤثرا عنده هو مقارنة قدرته لمقدور حصل من جهة الله تعالى، وهذا هو معنى الكسب عنده.
وذهب القاضي أبو بكر الباقلاني (2) منهم إلى أن الإيجاد بقدرة الله تعالى وأن تأثير قدرة العبد إنما هو في صفة زائدة للفعل وهي كونه طاعة أو معصية، وهذا هو الكسب عنده.
1- في نسخة دار الكتب: من حيث.
2محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم البصري البغدادي الباقلاني القاضي أبو بكر(403 ه(، متكلم على مذهب الأشعري. ولد بالبصرة، وسكن بغداد، سمع بها الحديث، ورد على المعتزلة والشيعة والخوارج والجهمية وغيرهم، كان جيد الاستنباط سريع الجواب، وقد وجهه عضد الدولة سفيرا عنه إلى ملك الروم، فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها وتوفي ببغداد. الزركلي: الأعلام 176/6، كحالة: معجم المؤلفين 109/10.
Page 134