============================================================
الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل الشيء وعلى ضده وأن يكون قادرا على أن يفعل وألا يفعل، وإلا بطل الاختيار. فإذن يلزم أن يكون الله تعالى قادرا على فعل الجهل كقدرته على فعل العلم.
وأما قدرته على العيب، فالذي يدل عليه أنه تعالى قادر على أن يفعل فعلان غاية لبعض المصالح، فإذا كان قادرا على فعله مع اعتبار المصلحة يكون قادرا عليه من غير اعتبارها؛ لأن بتقدير بطلان تلك المصلحة لا يخرج الفعل عن أن يكون مقدورا؛ لأن الفعل إنما خرج عن كونه مقدورا بما له به تعلق مما يرجع إلى نفس القادر أو المقدور، وما لا تعلق له به لا يخرجه عن كونه مقدورا، فثبت أن القديم تعالى قادر على خلق الفعل من غير رعاية لتلك المصلحة وهذا هو العيب بعينه.
واحتج النظام بأن فعل القبيح من الله تعالى محال، والمحال غير مقدور، وإنما قلنا إن فعل القبيح منه تعالى محال؛ فلأن القبيح لا يصدر إلا عند وجود المحال، وما لا يوجد إلا عند وجود المحال فهو محال. وإنما قلنا: إن فعل القبيح لا يوجد إلا عند وجود المحال؛ فلأن القبيح لا يفعله إلا المحتاج إليه الجاهل بقبحه أو باستغنائه عنه، وهذان على الله تعالى محال.
أما إن القبيح لا يفعله إلا الجاهل أو المحتاج فالعلم به ضروري. وأما إن هذين الوصفين على الله تعالى محال فهو متفق عليه بين المسلمين. وأما إن ما لا يوجد إلا عند وجود المحال فهو محال فالعلم به ضروري. فثبت أن فعل القبيح منه تعالى محال. وأما إن كل محال فهو غير مقدور؛ فلأن المقدور هو الذي لو شاء الفاعل لفعله، وذلك فرع على صحة حدوثه وإمكانه، والمحال ما لا يصح حدوثه في نفسه، فكيف يصح صدوره من جهة الفاعل.
Page 118