Tajrid
شرح التجريد في فقه الزيدية
Genres
ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا فهد، قال: حدثنا علي بن معبد، عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: سألت عائشة عن جلود الميتة فقالت: (لعل دباغها يكون طهورها). ففي هذا أن عائشة كانت شاكة فيه، فلو كانت حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما روي عنها، لم تجب جواب الشاك، كيف وراوي هذا الحديث أيضا هو الأسود! وفيه أيضا أنه لو حفظ عنها رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك لما سألها.
وأما حديث ابن المحبق، وحديث سودة، فيجب أن يكونا منسوخين؛ بدلالة ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب: (( أن لا تنتفعوا من الميتة بشيء )) قبل موته بشهر أو شهرين، وروي: بعشرين ليلة في بعض الروايات.
وحديث سودة خصوصا يجب أن يكون متقادما، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد هجرها منذ حين؛ إذ كرهها لسنها، وكانت وهبت يومها لعائشة، والحديث في أمرها مشهور، فإذا ثبت تقادم حديثها وتأخر حديثنا، ثبت أنه ناسخ له.
ومما يستدل به على صحة مذهبنا في هذا الباب من طريق النظر: أنا نقيس جلد الميتة على لحمها؛ إذ لا خلاف أن لحمها لا يطهر على وجه من الوجوه، كذلك يجب أن يكون جلدها، والمعنى أنه بعض من أبعاض ميتة صار نجسا بالموت.
ويمكن أن يقاس ما دبغ منه على ما لم يدبغ؛ بعلة أنه جلد ميتة، وليس لمخالفينا في هذا علة صحيحة، على أنهم إن عللوا لمذهبهم، أمكننا أن نرجح علتنا بكونها حاظرة، وبأن الإحتياط معها، وبهذين الترجيحين ندفع قول من يقول: إن تأويلكم لخبرنا ليس بأولى من تخصيصنا خبركم بخبرنا، فبان بما بينا صحة مذهبنا.
مسألة: [ في أشعار وأصواف وأوبار الميتة ]
قال: فأما ما كان عليها من الأشعار والأصواف والأوبار، فطاهر إذا غسل.
Page 57