Tajrid
شرح التجريد في فقه الزيدية
Genres
وروى ابن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سالم، عن كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة، قالت: وضعت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم غسلا، فاغتسل من الجنابة، فأكفأ الإناء بشماله على يمينه، فغسل كفيه، ثم أفاض الماء على فرجه، فغسله، ثم دلك يده بالأرض، ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على سائر جسده، ثم تنحى عن الموضع، فغسل رجليه.
وفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجب أن يحمل على الوجوب، إذا كان بيانا لمجمل.
ويدل على ذلك: ما روى أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( من ترك موضع شعرة من جسده في جنابة لم يغسلها، فعل به كذا وكذا من النار )). قال علي عليه السلام: (( فمن ثم عاديت شعري ))، فكان يجز شعره.
وروى الحارث بن وجيه، عن مالك بن دينار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( تحت كل شعرة جنابة، فبلوا الشعر، وأنقوا البشر ))، فكل ذلك يقتضي وجوب المضمضة والاستنشاق في الاغتسال.
ويدل على ذلك من طريق القياس أنه عضو مقدور على غسله من غير تعذر ولا مشقة، فوجب أن يكون حكمه حكم سائر الأعضاء في وجوب غسله من الجنابة.
ويمكن أيضا أن يقال بأنه عضو يلحقه حكم النجس، فيجب أن يلحقه حكم الجنابة قياسا على سائر الأعضاء في وجوب غسله من الجنابة.
فإن استدلوا لإسقاط وجوبها بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: (( أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات، فإذا أنا قد طهرت )).
Page 142