Tajrid
شرح التجريد في فقه الزيدية
Genres
قيل له: هذا غلط بالإجماع؛ لأنه لا خلاف أن صوم يوم عاشوراء نسخ بصيام شهر رمضان، وصح القول به لما دلت الدلالة عليه، وإن لم يكن بينهما شيء من التنافي على وجه من الوجوه، فكذلك القول بأن الآية ناسخة لأخبار المسح يجب أن يصح القول به؛ إذ قد دلت الدلالة عليه، على أن الجمع بين الآية وبين خبر المسح لا يمكن إلا برفع بعض الحكم الذي يقتضيه ظاهر الآية، وإن كان ذلك على وجه التخصيص، وليس كذا صوم يوم عاشوراء مع صوم شهر رمضان؛ لأن أحدهما لا يعترض على الآخر بوجه من الوجوه، وإذا صح فيه النسخ، كان فيما ذكرنا أصح وأولى.
فإن قيل: فكيف يجوز أن يكون عقل النسخ بينهما؟
قيل له: يجوز ذلك بأن يكون الصحابة قد عرفت أن الآية قد نسخت جميع ما كان قبلها من الطهارات.
فإن قيل: روي عن جرير بن عبد الله، أنه قال: أسلمت بعد نزول المائدة، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على الخفين.
قيل له: هذا الحديث يؤكد ما ذهبنا إليه من أن الصحابة راعت فيه التقديم والتأخير، ويؤكد ذلك ما روي أن أصحاب عبد الله يعجبون بحديث جرير؛ لتأخر إسلامه.
وروى أبو بكر بن أبي شيبة، عن أبي(1) معاوية، ووكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، أنه قال: كان يعجبنا حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة، فأما قول جرير رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح ففيه جوابان:
أحدهما: أنا لا نقبل قول جرير؛ لإنكار أمير المؤمنين عليه السلام له، ولإنكار ابن عباس، وعمار، وعائشة، وغيرهم من الصحابة له، وليس لأحد أن يقول: أنهم نفوا، وجرير أثبت، فيجب أن يكون قول جرير أولى، وذلك؛ لأنا نعلم أنهم لا ينفون إلا ما يعلمون انتفاءه على التحقيق، فيجب أن يكون نفيهم أولى من إثبات جرير.
Page 135